(25) (حديث أم علي هي أم النبي)
قِيلَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ [1] وَالِدَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عليه السلام)، وَ هُوَ بَاكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): مَا يُبْكِيكَ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ لَكَ عَيْناً.
فَقَالَ: تُوُفِّيَتْ وَالِدَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): بَلْ وَالِدَتِي يَا عَلِيُّ فَقَدْ كَانَتْ تُجَوِّعُ أَوْلَادَهَا وَ تُشْبِعُنِي، وَ تُشَعِّثُ أَوْلَادَهَا وَ تُدَهِّنُنِي، وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ فِي دَارِ أَبِي طَالِبٍ نَخْلَةٌ، وَ كَانَتْ تُسَابِقُ إِلَيْهَا مِنَ الْغَدَاةِ، لِتَلْتَقِطَ مَا يَقَعُ مِنْهَا فِي اللَّيْلِ، وَ كَانَتْ تَأْمُرُ جَارِيَتَهَا فَتَلْتَقِطُ مَا يَقَعُ مِنَ الْغَلَسِ [2]، ثُمَّ تَجْنِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
فَإِذَا خَرَجَ بَنُو عَمِّي، تَنَاوَلَنِي ذَلِكَ.
ثُمَّ نَهَضَ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) وَ أَخَذَ فِي جَهَازِهَا، وَ كَفَّنَهَا بِقَمِيصِهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
وَ كَانَ فِي حَالِ تَشْيِيعِ جَنَازَتِهَا يَرْفَعُ قَدَماً، وَ يَتَأَنَّى فِي رَفْعِ الْأُخْرَى، وَ هُوَ حَافِي الْقَدَمِ.
فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهَا، كَبَّرَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً ثُمَّ لَحَدَهَا فِي قَبْرِهَا بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، بَعْدَ أَنْ نَامَ فِي قَبْرِهَا، وَ لَقَّنَهَا الشَّهَادَتَيْنِ.
فَلَمَّا أُهِيلَ [3] عَلَيْهَا التُّرَابُ، وَ أَرَادَ النَّاسُ الِانْصِرَافَ، جَعَلَ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) يَقُولُ لَهَا:
ابْنُكِ، ابْنُكِ، لَا جَعْفَرٌ، وَ لَا عَقِيلٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلْتَ فِعْلًا مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ قَطُّ مَشْيَكَ حَافِيَ الْقَدَمِ، وَ كَبَّرْتَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، وَ نَوْمَكَ فِي لَحْدِهَا، وَ قَمِيصَكَ عَلَيْهَا، وَ قَوْلَكَ لَهَا: ابْنُكِ، ابْنُكِ لَا
[1] قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 1/ 6 فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ، أوّل هاشميّة ولدت لها لهاشمي، و كان عليّ (عليه السلام) أصغر بنيها.
[2] الغلس: ظلمة آخر اللّيل.
[3] هال التّراب: أيّ صبّه.