وَ اسْتَنْصَرْنَاكَ فَانْصُرْنَا، فَإِنَّ قَوْمَنَا [1] قَدْ غَلَبُوا عَلَيْنَا وَ أَخَذُوا مِنَّا الْمَرَاعِيَ وَ الْمِيَاهَ، وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً فَانْدُبْ مَعِي رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يَحْكُمُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ، وَ خُذْ عَلَيَّ الْمَوَاثِيقَ وَ الْعُهُودَ أَنِّي أَرُدُّهُ إِلَيْكَ فِي غَدَاةِ غَدٍ سَالِماً مُسْلِماً إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَلَيَّ حَادِثٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) مَنْ أَنْتَ وَ مَنْ قَوْمُكَ.
قَالَ أَنَا عطرفة [عُرْفُطَةُ [2] بْنُ شِمْرَاخٍ [3] أَحَدُ بَنِي كَاخٍ مِنَ الْجِنِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا وَ أَهْلِي كُنَّا نَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَمُنِعْنَا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَكَ اللَّهُ نَبِيّاً آمَنَّا بِكَ، وَ صَدَّقْنَاكَ، وَ أَفْسَدَ حَالَنَا بَعْضُ قَوْمِنَا، فَوَقَعَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمُ الْخِلَافُ وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً وَ قُوَّةً وَ قَدْ غَلَبُوا عَلَى الْمَاءِ وَ الْمَرَاعِي، وَ أَضَرُّوا بِنَا وَ بِدَوَابِّنَا، فَابْعَثْ مَعِي مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) اكْشِفْ لَنَا عَنْ وَجْهِكَ وَ هَيْئَتِكَ أَنْتَ عَلَيْهَا حَتَّى نَرَاكَ عَلَى صُورَتِكَ الَّتِي خَلَقَكَ اللَّهُ فِيهَا؟
قَالَ: فَكَشَفَ لَهُ عَنْ صُورَتِهِ فَوُجِدَ شَخْصٌ عَلَيْهِ شَعْرٌ كَمِثْلِ شَعْرِ الدَّابَّةِ وَ رَأْسُهُ طَوِيلٌ عَيْنَاهُ مَعَهُ فِي غَدَاةِ غَدٍ.،
فَعِنْدَ ذَلِكَ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَ قَالَ لَهُ قُمْ مَعَ أَخِيكَ عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ أَشْرِفْ عَلَى قَوْمِهِ، وَ انْظُرْ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَ احْكُمْ بَيْنَهُمْ وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَيْنَ هُمْ؟
قَالَ تَحْتَ الْأَرْضِ قَالَ وَ كَيْفَ أُطِيقُ النُّزُولَ إِلَى تَحْتِ الْأَرْضِ وَ كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَ لَا أَعْرِفُ كَلَامَهُمْ؟ فَالْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرٍ فَأَجَابَهُ مِثْلَ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ
[1] في النّسخة: (قوم منّا).
[2] في النّسخة: (عرفطة). و كذا في البواقي.
[3] في كشف اليقين: (سمراخ).