responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الاسلامية المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 29

واطّلع عليها ويئس من قيس، عاود حيلته مرة اخرى، فزوّر رسالة نسبها إلى قيس وضمّ إليها الرسالة السابقة، ثمّ أعلن أمام الملأ من الشام: أنّ قيساً رسول علي إلى مصر قد انصرف عن مولاه وبايعني‌ [1].

فبلغ الخبر أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام فحزنوا حزناً شديداً وكثر اللغط بينهم، فأصرّ بعض أصحابه- ولا سيما عبداللَّه بن جعفر- على إخماد نار الفتنة وعزل قيس عن ولاية مصر، إلّاأنّه لم يوافقهم عليه السلام قائلًا: هناك خدعة، وإنّي لأعرف قيساً ولا يصدر منه مثل هذا الكلام، ولا أراه سوى تهمة.

مع ذلك فقد دفعت الأجواء والضجيج آنذاك بالإمام- رغم ثقته بقيس- إلى عزله عن مصر واستبداله بمحمّد بن أبي بكر [2] فلمّا بلغ محمّد بن أبي بكر مصر وتولّى ولايتها، كتب لأميرالمؤمنين عليه السلام رسالة طلب فيها من الإمام أن يكتب له كتاباً يبّين له فيه وظائفه ويضمّنه الأحكام الإسلامية والحلال والحرام ليعتمدها في حكومته دون الخروج عن هذه الأحكام.

فكتب عليه السلام رسالة مفصّلة ضمّنها توجيهاته ومواعظه، وهي الرسالة القريبة المضامين من عهده الذي عهده إلى مالك، ومن أراد المزيد فليراجع نهج البلاغة ويتدبّر رسالته إلى محمّد بن أبي بكر [3].


[1]تاريخ الطبري: 3/ 64- 66.

[2]لعلّ هنالك من يقول: أفيمكن للإمام عليه السلام أن يعزل قيساً من منصبه الذي يستحقّه رغم علمه ببراءته واتّهامه بالباطل استجابةً للأجواء التي أثارها بعض أصحابه؟ نقول: بلى، هذه هي السياسة الصائبة والجدّية بغية حفظ كيان الإسلام، والحيلولة دون الفوضى التي من شأنها أن تؤدّي إلى الفساد والانحراف، فقد يضطرّ القائد أحياناً للقيام بعمل على أساس الظرف المحيط به بهدف إعادة الهدوء إلى المجتمع رغم عدم إيمانه بذلك العمل.

وقد رأينا شبيه ذلك في تجربتنا في الجمهورية الإسلاميّة بشأن بني صدر الذي ابقي لزمان في منصبه رغم عدم استحقاقه وأعماله المناهضة للثورة، فلمّا عُزل، قال الإمام الخميني قدس سره: «كنت أعلم قبل عام تقريباً أنّ هذا الشخص يتحرك ضدّ الثورة» إلّاأنّ الظروف المحيطة آنذاك والمجتمع لم تكن مناسبة لطرح قضية بني صدر وفضحه؛ الأمر الذي جعل الإمام يتحمّله لسنة في منصبه.

ويمكننا من هذه القرينة أن نتحسّس صعوبة الأجواء والظروف التي أحاطت بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

[3]نهج البلاغة: 383، الكتاب 27.

اسم الکتاب : الدولة الاسلامية المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست