السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول و الإتمام
إذا لم يخف الفوت، و المنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف، و
الأقوى أحد القولين الأوّلين؛ لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنّها يستفاد منها
على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة. منها: قوله
(عليه السّلام) في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي: «لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من
ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يخف فوات الموقفين». و في نسخة: «لا بأس
للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة ..» إلخ.
و أمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو
بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّا قبل هذه الأوقات،
فإنّه مختلف باختلاف الأوقات و الأحوال و الأشخاص، و يمكن حملها على التقيّة إذا
لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، و يمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة كما في أخبار
الأوقات للصلوات، و ربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص
بالحجّ المندوب، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما
تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة، مع أنّا لو أغمضنا عن
الأخبار من جهة شدّة اختلافها و تعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا؛ لأنّ
المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع، فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه، و القدر
المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، و اللازم إدراك الاختياري من
الوقوف، فإنّ كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل.