في
كون جميع الوصايا من الأصل بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا،
فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم
بكونها ندبيّاً، و حمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق أيضاً على ذلك، لكنّه
مشكل، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه،
إلّا مع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة، و التمسّك بالعمومات فيها محلّ
إشكال.
و
أمّا الخبر المشار إليه و هو قوله (عليه السّلام): «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه
الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز» فهو موهون بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، و
يمكن أن يكون المراد «بماله» هو الثلث الذي أمره بيده. نعم، يمكن أن يقال في مثل
هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة الظاهر من قول الموصي:
«حجّوا عنّي» هو حجّة الإسلام الواجبة؛ لعدم تعارف الحجّ المستحبّي في هذه الأزمنة
و الأمكنة، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور و الانصراف، كما أنّه إذا قال:
«أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة» ينصرف إلى الواجب عليه.
فتحصّل
أنّ في صورة الشكّ في كون الموصى به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة، أو لا حتّى
يكون من الثلث، مقتضى الأصل الخروج من الثلث؛ لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه
واجباً و هو غير معلوم، بل الأصل عدمه إلّا إذا كان هناك انصراف، كما في مثل
الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ و نحوها. نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو
الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً و لم يعلم أنّه أتى به أو لا، فالظاهر
جريان الاستصحاب و الإخراج من الأصل.
و
دعوى أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه و هو فرع شكّه لا شكّ الوصيّ أو الوارث،
و لا يعلم أنّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة بمنع اعتبار
شكّه، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً، و لا فرق في ذلك