و
ذهب بعضهم إلى الثاني، و أنّ التعدّد إنّما هو في الأمر أو في جهاته، و بعضهم إلى
أنّه يتعدّد بالنذر و لا يتعدّد بغيره، و في النذر أيضاً لا مطلقاً بل في بعض
الصور، مثلًا إذا نذر أن يتوضّأ لقراءة القرآن، و نذر أيضاً أن يتوضّأ لدخول
المسجد، فحينئذ يتعدّد، و لا يغني أحدهما عن الآخر، فإذا لم ينو شيئاً منهما لم
يقع امتثال أحدهما، و لا أداؤه، و إن نوى أحدهما المعيّن حصل امتثاله و أداؤه، و
لا يكفي عن الآخر، و على أيّ حال وضوؤه صحيح؛ بمعنى أنّه موجب لرفع الحدث، و إذا
نذر أن يقرأ القرآن متوضّئاً، و نذر أيضاً أن يدخل المسجد متوضّئاً فلا يتعدّد
حينئذ، و يجزئ وضوء واحد عنهما، و إن لم ينو شيئاً منهما و لم يمتثل أحدهما، و لو
نوى الوضوء لأحدهما كان امتثالًا بالنسبة إليه و أداءً بالنسبة إلى الآخر، و هذا
القول قريب.
[مسألة 32: إذا شرع في الوضوء قبل دخول الوقت]
[571] مسألة 32: إذا شرع في الوضوء قبل دخول
الوقت و في أثنائه دخل لا إشكال في صحّته، و أنّه متّصف بالوجوب (1) باعتبار ما
كان بعد الوقت من أجزائه، و بالاستحباب بالنسبة إلى ما كان قبل الوقت، فلو أراد
نيّة الوجوب و الندب نوى الأوّل بعد الوقت و الثاني قبله.
[مسألة 33: إذا كان عليه صلاة واجبة أداءً أو
قضاءً]
[572] مسألة 33: إذا كان عليه صلاة واجبة أداءً
أو قضاءً، و لم يكن عازماً على إتيانها فعلًا، فتوضّأ لقراءة القرآن، فهذا الوضوء
متّصف بالوجوب (2)، و إن لم يكن الداعي عليه الأمر الوجوبي، فلو أراد قصد الوجوب و
الندب لا بدّ أن يقصد الوجوب الوصفيّ و الندب الغائيّ؛ بأن يقول: أتوضّأ الوضوء
الواجب امتثالًا للأمر به لقراءة القرآن.
(1) قد مرّ ما هو التحقيق.
(2) تقدّم خلافه، و لا يعقل الاتّصاف بالحكمين
بنحو ما في المتن.