في
آية الحج ان يكون المراد بالكفر فيها هو الكفران الحاصل بالترك و يظهر هذا
الاحتمال من مجمع البيان أيضا.
الرابع: ما افاده بعض الاعلام في شرح العروة- على ما في تقريرات بحثه- مما
هذا لفظه: «ان الظاهر من قوله تعالى وَ مَنْ
كَفَرَ ان من كفر بأسبابه و كان كفره منشأ لترك الحج فان اللَّه غنى عن
العالمين لا ان إنكار الحج يوجب الكفر فإن الذي يكفر يترك الحج طبعا لانه لا يعتقد
به و نظير ذلك قوله تعالى «ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ»[1] فان عدم صلوتهم و عدم إتيانهم الزكاة
لأجل كفرهم و تكذيبهم يوم القيامة و لا تدل الآيات على ان ترك الصلاة موجب للكفر
بل الكفر و تكذيب يوم القيامة منشأ لترك الصلاة و عدم أداء الزكاة فلا تدل الآية
على ان منكر الحج كافر».
و
يرد عليه ان تفسير الكفر بالكفر المتحقق بأسبابه و جعله مقدما للجزاء الذي
قام مقامه قوله فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ
الْعالَمِينَ يوجب عدم الارتباط بمسألة الحج و وجوبه أصلا مع ان ظهور الآية في
الارتباط مما لا مجال لإنكاره فلا محيص من جعل الكفر بأيّ معنى كان مرتبطا بالحج-
تركا أو إنكارا- فإذا حمل على الكفر الاصطلاحي فلا بد من ان يكون سببه اما الترك و
اما الإنكار.
و
اما التنظير بقوله تعالى ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ الى أخر الآية فعجيب فان هذه الآية لا تكون في مقام بيان الكفر و
تطبيق عنوان الكافر بل في مقام السبب الموجب للسلوك في النار و هما أمران أحدهما
التكذيب بيوم الدين الذي يكون موجبا للكفر و الثاني ترك الصلاة و الزكاة و قد ثبت
في محله ان الكفار مكلفون و معاقبون على الفروع كالأصول و هذه قاعدة فقهية مذكورة
في محلها و من جملة أدلتها هذه الآية فلا ارتباط لها بالمقام الذي لا بد- كما
عرفت- من الارتباط بين صدر الآية و ذيلها