و
يرد عليه منع ظهور الرواية في ذلك جدا فإنه لم يكن البحث في إنكار القرآن بوجه و
الاستشهاد بالاية لا يدل على كون المراد ذلك بل حيث ان الآية كانت ظاهرة في تحقق
الكفر بمجرد ترك الحج و كان ذلك موجبا لتعجب السائل سئل عن المراد منها و لا معنى
لكون المراد من الكفر هو الكفر بالآية بعد عدم تمامية الآية بعد نعم حيث يكون وجوب
الحج مدلولا عليه بصدر الآية و لإدخاله للذيل فيه فلا مانع من فرض الكفر بالوجوب
في القضية الشرطية المذكورة في الذيل و اما مع عدم تمامية الآية فلا مجال لفرض
الإنكار في نفسها بعد عدم تماميتها كما لا يخفى.
ثم
ان مقتضى الجمع بين هذه الصحيحة و الصحيحة الاولى ان يقال بان هذه الصحيحة تصير
قرينة على أمرين أحدهما ان المراد من الكفر المفسر بالترك في الاولى ليس هو الكفر
اللغوي الذي كان أحد الاحتمالين فيها و ثانيهما ان المراد من الترك فيها ليس مجرد
الترك و مطلقه بل الترك عن إنكار و اعتقاد بعدم الوجوب فيصير معنى الآية بلحاظ
الروايات الواردة في تفسيرها هو الكفر المسبب عن الإنكار و ينطبق على تفسير ابن
عباس و بعض آخر فتدبر.
الأمر
الثاني من الأمور الثلاثة المذكورة في المتن ان مجرد ترك الحج من المعاصي
الكبيرة و يدل عليه- مضافا الى ما عرفت من أهمية فريضة الحج و عظم شأنه- انه قد عد
في الروايات الواردة في بيان المعاصي الكبيرة و تعدادها الاستخفاف بالحج منها و
المراد من الاستخفاف ان كان هو الترك فينطبق على المقام و ان كان هو الإتيان عن
استخفاف سواء كان لأجل التأخير عن عام الاستطاعة أو لأجل عدم الاعتناء بشأنه كما
هو و ان اتى به في عام الاستطاعة فدلالته على المقام انما هي بالأولوية هذا مضافا
الى انطباق الضابطة الكلية في المعصية الكبيرة عليه و هي إيعاد اللَّه تبارك و
تعالى عليها النار أو العذاب صريحا أو ضمنيا أو باللزوم و لذا عد السيد الطباطبائي
بحر العلوم ترك الحج منها مستندا الى قوله تعالى
وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ