لاشكّ أنّ النصارى بأجمعهم كفّار حسب الذكر الحكيم، ولا ينكر ذلك من له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة، ومن المعلوم أنّهم يدينون بهذه العقيدة واقعاً ومع ذلك يصفهم سبحانه بالكفر، فلو كان الكفر حسب ما يذكره الباحث هو الستر عن علم، فلازم ذلك أن لا يكون النصارى كافرين.
وبما أنّه عطف الكفر على الارتداد وجعل الداعي فيهما أمراً واحداً، فانقسام الكفر حسب الدواعي انقسام للارتداد بالطبع.
ونظير النصارى المشركون فقد كانوا لأجل جهلهم بالحقيقة معتقدين بأُلوهية الأصنام ومنكرين للمعاد بجد وحماس لا عن تعنّت وعناد، ويظهر ذلك في محاجّاتهم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حيث كانوا يحتجّون على امتناع المعاد ببعض الخطابات التي لا قيمة لها في سوق العلم، ولكنّهم كانوا يعتمدون عليها.
ومن ذلك قولهم: (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَ أُولَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ)[2].