responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 8  صفحة : 154

بيان
فوائد الجوع و آفات الشبع

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم[1]«جاهدوا أنفسكم بالجوع و العطش فإنّ الأجر في ذلك »و لعلك تقول،هذا الفضل العظيم للجوع من أين هو؟و ما سببه؟و ليس فيه إلا إيلام المعدة،و مقاساة الأذى.فإن كان كذلك فينبغي أن يعظم الأجر في كل ما يتأذى به الإنسان،من ضربه لنفسه،و قطعه للحمه،و تناوله الأشياء المكروهة،و ما يجرى مجراه.فاعلم أن هذا يضاهي قول من شرب دواء فانتفع به،و ظن أن منفعته لكراهة الدواء و مرارته،فأخذ يتناول كل ما يكرهه من المذاق،و هو غلط .بل نفعه في خاصية في الدواء،و ليس لكونه مرا .و إنما يقف على تلك الخاصية الأطباء.فكذلك لا يقف على علة نفع الجوع إلا سماسرة العلماء.و من جوع نفسه مصدقا لما جاء في الشرع من مدح الجوع،و انتفع به،و إن لم يعرف علة المنفعة،كما أن من شرب الدواء انتفع به،و إن لم يعلم وجه كونه نافعا.و لكنا نشرح لك ذلك إن أردت أن ترتقي من درجة الإيمان إلى درجة العلم قال اللّه تعالى يَرْفَعِ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ [1]فنقول في الجوع عشر فوائد

الفائدة الأولى:صفاء القلب

و إيقاد القريحة،و إنفاذ البصيرة.فإن الشبع يورث البلادة و يعمى القلب،و يكثر البخار في الدماغ،شبه السكر،حتى يحتوي على معادن الفكر،فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار،و عن سرعة الإدراك.بل الصبي إذا أكثر الأكل بطل حفظه.و فسد ذهنه،و صار بطيء الفهم و الإدراك.و قال أبو سليمان الداراني،عليك بالجوع،فإنه مذلة للنفس،و رقة للقلب،و هو يورث العلم السماوي و قال صلى اللّه عليه و سلم[2]«أحيوا قلوبكم بقلّة الضّحك و قلّة الشّبع و طهّروها بالجوع تصفو و ترق ّ»و يقال،مثل الجوع مثل الرعد،و مثل القناعة مثل السحاب،و الحكمة


[1] المجادلة:11

اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 8  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست