responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 3  صفحة : 34

أحدهما:أن الصوم كف و ترك و هو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد،و جميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق و مرأى،و الصوم لا يراه إلا اللّٰه عز و جل،فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد و الثاني :أنه قهر لعدوّ للّٰه عز و جل،فان وسيلة الشيطان لعنه اللّٰه الشهوات،و انما تقوى الشهوات بالاكل و الشرب.و لذلك قال صلّى اللّٰه عليه و سلم[1]«إنّ الشّيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدّم فضيّقوا مجاريه بالجوع».و لذلك قال صلّى اللّٰه عليه و سلم لعائشة رضى اللّٰه عنها«داومى[2]قرع باب الجنّة.قالت:بما ذا؟قال صلّى اللّٰه عليه و سلّم:

بالجوع ».و سيأتي فضل الجوع في كتاب شره الطعام و علاجه من ربع المهلكات فلما كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان و سدا لمسالكه و تضييقا لمجاريه،استحق التخصيص بالنسبة إلى اللّٰه عز و جل،ففي قمع عدوّ اللّٰه نصرة للّٰه سبحانه،و ناصر اللّٰه تعالى موقوف على النصرة له،قال اللّٰه تعالى: (إِنْ تَنْصُرُوا اللّٰهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدٰامَكُمْ [1]) فالبداية بالجهد من العبد،و الجزاء بالهداية من اللّٰه عز و جل،و لذلك قال تعالى (وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا) [2]و قال تعالى: (إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ) [3]و انما التغيير تكثير الشهوات،فهي مرتع الشياطين و مرعاهم،فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم،و ما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال اللّٰه سبحانه و كان محجوبا عن لقائه.

و قال صلّى اللّٰه عليه و سلم[3]«لو لا أنّ الشّياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السّموات»فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة،و صار جنة .

و إذا عظمت فضيلته إلى هذا الحد فلا بد من بيان شروطه الظاهرة و الباطنة ،بذكر أركانه،و سننه،و شروطه الباطنة.و نبين ذلك بثلاثة فصول :


[1] محمد:7

[2] العنكبوت:69

[3] الرعد:11

اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 3  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست