responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 186

و اسم السفل لما يلي جهة الرجل،حتى إن النملة التي تدب منكسة تحت السقف تنقلب جهة الفوق في حقها تحتا،و إن كان في حقنا فوقا.و خلق للإنسان اليدين و إحداهما أقوى من الأخرى في الغالب،فحدث اسم اليمين للأقوى،و اسم الشمال لما يقابله،و تسمى الجهة التي تلي اليمين يمينا،و الأخرى شمالا،و خلق له جانبين يبصر من أحدهما و يتحرك إليه،فحدث اسم القدام للجهة التي يتقدم إليها بالحركة،و اسم الخلف لما يقابلها:فالجهات حادثة بحدوث الإنسان،و لو لم يخلق الإنسان بهذه الخلقة بل خلق مستديرا كالكرة،لم يكن لهذه الجهات وجود البتة، فكيف كان في الأزل مختصا بجهة و الجهة حادثة؟أو كيف صار مختصا بجهة بعد أن لم يكن له:

أ بأن خلق العالم فوقه،و تعالى عن أن يكون له فوق،إذ تعالى أن يكون له رأس، و الفوق عبارة عما يكون جهة الرأس،أو خلق العالم تحته،فتعالى عن أن يكون له تحت إذ تعالى عن أن يكون له رجل،و التحت عبارة عما يلي جهة الرجل،و كل ذلك مما يستحيل في العقل ،و لأن المعقول من كونه مختصا بجهة أنه مختص بحيز اختصاص الجواهر،أو مختص بالجواهر اختصاص العرض،و قد ظهر استحالة كونه جوهرا أو عرضا،فاستحال كونه مختصا بالجهة.و إن أريد بالجهة غير هذين المعنيين كان غلطا في الاسم مع المساعدة على المعنى،و لأنه لو كان فوق العالم لكان محاذيا له،و كل محاذ لجسم فإما أن يكون مثله أو أصغر منه أو أكبر، و كل ذلك تقدير محوج بالضرورة إلى مقدر،و يتعالى عنه الخالق الواحد المدبر.فأما رفع الأيدي عند السؤال إلى جهة السماء،فهو لأنها قبلة الدعاء،و فيه أيضا إشارة إلى ما هو وصف للمدعو من الجلال و الكبرياء،تنبيها بقصد جهة العلو على صفة المجد و العلاء،فإنه تعالى فوق كل موجود بالقهر و الاستيلاء

الأصل الثامن

العلم بأنه تعالى مستو على عرشه بالمعنى الذي أراد اللّٰه تعالى بالاستواء،و هو الذي لا ينافي وصف الكبرياء،و لا يتطرق إليه سمات الحدوث و الفناء،و هو الذي أريد بالاستواء إلى السماء حيث قال في القرءان: (ثُمَّ اسْتَوىٰ إِلَى السَّمٰاءِ وَ هِيَ دُخٰانٌ) و ليس ذلك إلا بطريق القهر و الاستيلاء ،كما قال الشاعر :

اسم الکتاب : إحياء علوم الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست