responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 568

مقام الغيرة على جناب اللّٰه تعالى و ما يستحقه أخذ يقنت في صلاته شهرا يدعو على طائفة من عباد اللّٰه بالهلاك رعل و ذكوان و عصية عصت اللّٰه و رسوله فأنزل اللّٰه عليه وحيه بواسطة الروح الأمين يا محمد إن اللّٰه يقول لك ما أرسلك سبابا و لا لعانا و إنما بعثك رحمة أي لترحم مثل هؤلاء كأنه يقول له بدل دعائك عليهم كنت تدعوني لهم ثم تلا عليه كلام ربه وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ أي لترحمهم فإنك إذا دعوتني لهم ربما وفقتهم لطاعتي فترى سرور عينك و قرتها في طاعتهم و إذا لعنتهم و دعوت عليهم و أجبت دعاك فيهم لم يتمكن أن آخذهم إلا بأن يزيدوا طغيانا و إثما مبينا و ذلك كله إنما كان بدعائك عليهم فكانت أمرتهم بالزيادة في الطغيان الذي نؤاخذهم به فتنبه رسول اللّٰه ص لما أدبه به ربه فقال ص إن اللّٰه أدبني فحسن أدبي و قال بعد ذلك اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون و قام ليلة إلى الصباح لا يتلو فيها إلا قوله تعالى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و هو قول عيسى ع و اللّٰه تعالى قد قال له لما ذكر رسله أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ و كان من هدى عيسى ع هذه الآية التي قام بها رسول اللّٰه ص ليلة كله إلى الصباح أين هذا المقام من دعائه ص على رعل و ذكوان اللّٰه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً و ما خص ذنبا من ذنب كما لم يخص إسرافا من إسراف كما لم يخص في إرسال محمد ص عالما من عالم إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ بالألف و اللام للشمول مع عمارة الدارين فلا بد من شمول الرحمة و لو لا إن الأمور قد عين اللّٰه لها آجالا مسماة و أياما معدودات لكان عين الانتقال بالموت إلى اللّٰه عين الرحمة بهم التي تكون لهم بعد استيفاء الحدود لتعديهم الحدود فتعديهم الحدود هو الذي أقام عليهم في الدار الآخرة الحدود كما أقامها على بعضهم في الدار الدنيا فما مات أحد من خلق اللّٰه إلا كما ولد مؤمنا و ما وقع الأخذ إلا بما كان بين الإيمانين فإن رحمة اللّٰه وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و بٰاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ و لهذا

قال من ظهر لي بطنت له لأنه ما ظهر أحد لله حتى فارقه إذ لو لم يفارقه لما ميز نفسه عنه فبطن الحق في ظهوره فهو السور الذي بٰاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظٰاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذٰابُ و الناس لا يشعرون و الكلام في هذا الباب لا يتناهى فصوله و هذا القدر من التنبيه على ما فيه كاف إن شاء اللّٰه لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ «انتهى الجزء الثالث من كتاب الفتوحات المكية بحمد اللّٰه و عونه و حسن توفيقه و يتلوه المجلد الرابع أوله الباب الحادي و أربعمائة»

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 568
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست