responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 566

الآخرة و يرجع الأمر إلى حكم أخذ الميثاق بالرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب التاسع و التسعون و ثلاثمائة في معرفة منازلة
منزل من دخله ضربت عنقه و ما بقي أحد إلا دخله »



لو لا وجود الحق في الخلق لم يبق من يبقى و من يبقى
قلت له إن كنت لي مغنيا من غير ما تحكم فاستبق
ما أنا غير لا و لا عينكم لأنني اعلم من يلقي
فانظر إلى الحكمة مكشوفة في الحق إذ ينعت بالحق

[منزل الاتحاد و العلماء بالله]

و هذا هو منزل الاتحاد الذي ما سلم أحد منه و لا سيما العلماء بالله الذين علموا الأمر على ما هو عليه و مع هذا قالوا به فمنهم من قال به عن أمر إلهي و منهم من قال به بما أعطاه الوقت و الحال و منهم من قال به و لا يعلم أنه قال به فأحوال الخلق مختلفة فيه فأما أصحاب النظر العقلي فأحالوه لأنه عندهم يصير الذاتين ذاتا واحدة و ذلك محال و نحن و أمثالنا ترى ذاتا واحدة لا ذاتين و يجعل الاختلاف في النسب و الوجوه و العين واحدة في الوجود و النسب عدمية و فيها وقع الاختلاف فتقبل الضدين الذات الواحدة من نسبتين مختلفتين فالله يقول فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و يقول و هو القائل على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده و

يقول كنت سمعه الذي يسمع به و بصره و لسانه و يده و رجله و غير ذلك قولا شافيا لأنه ذكر أحكامها فقال الذي يبطش بها و يسعى بها و يتكلم به و يسمع به و يبصر به و يعلم و معلوم أنه يسمع بسمعه أو بذاته يسمع و على كل حال فجعل الحق هويته عين سمع عبده و بصره و يده و غير ذلك فأما ذات العبد و إما صفته و أما نسبته فهذا قول الحق الذي فيه يمترون و الملك يقول مع علمه بذلك وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ و الجن يقول أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ و الرسول يقول مٰا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّٰ مٰا أَمَرْتَنِي بِهِ و من الناس من يقول أَ إِنّٰا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحٰافِرَةِ و السموات و الأرض و الجبال تأبى و تشفق من حمل الأمانة : و تقول أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ فما في العالم إلا من نسب الفعل إليه أي إلى نفسه مع علم العلماء بالله أن الفعل لله لا لغيره و اللّٰه يقول وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ فأضاف العلم إليهم و هو خالقه و موجدة أعني العمل

فأين حال الدعاوي
و قال الهدهد أَحَطْتُ علما بِمٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ و قٰالَتْ نَمْلَةٌ يٰا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لاٰ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمٰانُ وَ جُنُودُهُ و قال اللّٰه يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ و قالت الجلود أَنْطَقَنَا اللّٰهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ و قال وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما ترك شيئا من المخلوقات إلا و أضاف الفعل إليه إلا إن هذا المنزل لا يتمكن لمن دخله أن يرأس عليه أحد من جنسه لا بل و لا أحد من المخلوقين و هو تعريف إلهي في حضرة خيال و مقامه أن يكشف له عن ماهية أحكام نفسه فيرى أنه محال أن يرأس عليه أحد فإن كشف له عن ماهيات أحكام نفوس العالم يرى أنه من المحال أن يرأس على أحد أو يرأس عليه أحد فإن الأمر واحد في نفسه و الواحد لا يرأس على نفسه و هو مشهد عزيز العالم كله فيه و لا يعلمه إلا من شاهده ثم من هذا المقام ما تخيله من لم يطلع على صورة الأمر على ما هو عليه في نفسه من

قوله تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فتخيل أنه عينه الثابت في العدم ربما حصل لها الوجود لما رآه من حكم عينها في وجود الحق حتى انطلق عليه اسم هذا العين و ما علم إن الوجود وجود الحق و الحكم حكم الممكن مع ثبوته في عدمه فلما تخيل بعض الممكنات هذا التخيل من اتصافه بالوجود حكم بأنه قد شارك الحق في الوجود فصح له المقام مقام الجمع بوجود الحق في الوجود و في نفس الأمر الوجود عين الحق ليس غيره فلما أدخله حضرته تعالى ضرب عنقه أي أزال جماعته لأن العنق الجماعة فلما زال عنه إطلاق الجماعة عليه بما أعطاه من أحدية الأمر و علم أنه جهل في إمكانه نفسه و أن جميع الممكنات مثله في هذا الحكم و هو قوله و ما بقي أحد إلا دخله أي في نفس الأمر ما ثم إلا أحدية مجردة علمها من علمها و جهلها من جهلها و هذا الحكم يظهر في الشهادة في وجود الحق بالاسم الخاص الذي لذلك الممكن الذي يقال فيه إنه عالم و جاهل و ما كان من الأسماء و الأحكام للممكنات و الوجود للحق فاعلم ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست