responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 430

فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء فهو بخار رحماني فيه الرحمة بل هو عين الرحمة فكان ذلك أول ظرف قبله وجود الحق فكان الحق له كالقلب للإنسان كما أنه تعالى لقلب الإنسان العارف المؤمن كالقلب للإنسان فهو قلب القلب كما أنه ملك الملك فما حواه غيره فلم يكن إلا هو ثم إن جوهر ذلك العماء قبل صور الأرواح من الراحة و الاسترواح إليها و هي الأرواح المهيمة فلم تعرف غير الجوهر الذي ظهرت فيه و به و هو أصلها و هو باطن الحق و غيبه ظهر فظهر فيه و به العالم فإنه من المحال أن يظهر العالم من حكم الباطن فلا بد من ظهور حق به يكون ظهور صور العالم فلم يكن غير العماء فهو الاسم الظاهر الرحمن فهامت في نفسها ثم أيه واحدا من هذه الصور الروحية بتجل خاص علمي انتقش فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة مما لا تعلمه الأرواح المهيمة فوجد في ذاته قوة امتاز بها عن سائر الأرواح فشاهدهم و هم لا يشاهدونه و لا يشهد بعضهم بعضا فرأى نفسه مركبا منه و من القوة التي وجدها علم بها صدوره كيف كان و علم إن في العلم حقائق معقولات سماها معقولات من حيث إنه عقلها لما تميزت عنده فلم يكن لها أن يكون كل واحدة منها عين الأخرى فهي للحق معلومات و للحق و لأنفسها معقولات و لا وجود لها في الوجود الوجودي و لا في الوجود الإمكانى فيظهر حكمها في الحق فتنسب إليه و تسمى أسماء إلهية فينسب إليها من نعوت الأزل ما ينسب إلى الحق و تنسب أيضا إلى الخلق بما يظهر من حكمها فيه فينسب إليها من نعوت الحدوث ما ينسب إلى الخلق فهي الحادثة القديمة و الأبدية الأزلية و علم عند ذلك هذا العقل أن الحق ما أوجد العالم إلا في العماء و رأى أن العماء نفس الرحمن فقال لا بد من أمرين يسميان في العلم النظري مقدمتين لإظهار أمر ثالث هو نتيجة ازدواج تينك المقدمتين و رأى أن عنده من الحق ما ليس عند الأرواح المهيمة فعلم أنه أقرب مناسبة للحق من سائر الأرواح و رأى في جوهر العماء صورة الإنسان الكامل الذي هو للحق بمنزله ظل الشخص من الشخص و رأى نفسه ناقصا عن تلك الدرجة و قد علم ما يتكون عنه من العالم إلى آخره في الدنيا و في المولدات فعلم أنه لا بد أن يحصل له درجة الكمال التي للإنسان الكامل و إن لم يكن فيها مثل الإنسان فإن الكمال في الإنسان الكامل بالفعل و هو في العقل الأول بالقوة و ما كان بالقوة و الفعل أكمل في الوجود ممن هو بالقوة دون الفعل و لهذا وجد العامل في عينه فأخرجه من القوة إلى الفعل ليتصف بكمال الاقتدار و لو كان في الإمكان إيجاد الممكنات كلها لما ترك منها واحدا منعوتا بالعدم لكن يستحيل ذلك لعدم التناهي و ما يدخل في الوجود فلا بد أن يكون متناهيا فتجلى له الحق فرأى لذاته ظلالان ذلك التجلي كان كالكلام لموسى من جانب الطور كذلك كان التجلي الإلهي لهذا العقل من الجانب الأيمن فإن لله يدين مباركتين مبسوطتين يعني فيهما الرحمة فلم يقرن بهما شيئا من العذاب فيعطي رحمة يبسطها و يعطي رحمة يقبضها فإن القبض ضم إليه و البسط انفساخ فيه فكان ذلك الظل الممتد عن ذات العقل من نور ذلك التجلي و كثافة المحدث بالنظر إلى اللطيف الخبير نفسا و هو اللوح المحفوظ و الطبيعة الذاتية مع ذلك كله و تسمى هناك حياة و علما و إرادة و قولا كما تسمى في الأجسام حرارة و برودة و يبوسة و رطوبة كما تسمى في الأركان نارا و هواء و ماء و ترابا كما تسمى في الحيوان سوداء و صفراء و بلغما و دما و العين واحدة و الحكم مختلف

فالعين واحدة و الحكم مختلف و ذاك سر لأهل العلم ينكشف
ثم صرف العقل وجهه إلى العماء فرأى ما بقي منه لم يظهر فيه صورة و قد أبصر ما ظهرت فيه الصور منه قد أنار بالصور و ما بقي دون صورة رآه ظلمة خالصة و رأى أنه قابل للصور و الاستنارة فاعلم إن ذلك لا يكون إلا بالتحامك بظلك فعمه التجلي الإلهي كما تعم لذة الجماع نفس الناكح حتى تغيبه عن كل معقول و معلوم سوى ذاتها فلما عمه نور التجلي رجع ظله إليه و اتحد به فكان نكاحا معنويا صدر عنه العرش الذي ذكر الحق أنه استوى عليه الاسم الرحمن فقال اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ فما أنكره من أنكره أعني الاسم الرحمن إلا للقرب المفرط و لم يقروا بالله إلا لما يتضمنه هذا الاسم من الرحمة و القهر فعلم و جهل الرحمن فقالوا وَ مَا الرَّحْمٰنُ و لو قالها بلسان غير العربي لقال ما يشبه هذا المعنى و يقع الإنكار منهم أيضا فلا أقرب من الرحمة إلى الخلق لأنه ما ثم أقرب إليهم من وجودهم و وجودهم رحمة بلا شك

«الفصل الثاني»في صورة العرش و الكرسي و القدمين و الماء

الذي عليه العرش و الهواء الذي عليه الماء و الظلمة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 430
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست