responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 402

و بين واقف و هو الأسلم و الأنجى من الرجلين فإنه لا يتمكن له رد الألفاظ و لا رد ما تدل عليه فيقع في التشبيه و الآخر و إن لم يكن له رد الألفاظ و لا رد ما تدل عليه فإنه ما نزل ما نزل من ذلك إلا بلغته و رأى التقابل فيما نزل من نفي التشبيه فآمن و صرف علم ذلك إلى اللّٰه من غير تعيين لأن المسمى و الموصوف لم يره و لم يعلم ما هو عليه إلا من هذه الأخبار الواردة عنه و أما علماء النظر فهم طوائف كثيرة كل طائفة نزعت في اللّٰه منزعا بحسب ما أعطاها نظرها في الذي اتخذته دليلا على العلم به فاختلفت مقالاتهم في اللّٰه اختلافا شديدا و هم أصحاب العلامات لما ارتبطوا بها و أما علماء الكشف و الشهود و هم المؤمنون المتقون فإن اللّٰه جعل لهم فرقانا أوقفهم ذلك الفرقان على ما ادعى أهل كل مقالة في اللّٰه من علماء النظر و الخبر أن يقولوا بها و ما الذي تجلى لقلوبهم و بصائرهم من الحق و هل كلها حق أو فيه ما هو حق و ما ليس بحق كل ذلك معلوم لهم كشفا و شهودا فيعبده من هذه صفته عبادة أمر و عبادة ذاتية و ليس ذلك إلا لهم و للملائكة و أما الأرواح التي لا تعرف الأمر فعبادتهم ذاتية و أما علماء النظر و الخبر فعبادتهم أمرية

قال رسول اللّٰه ص نعم العبد صهيب لو لم يخف اللّٰه لم يعصه و هذه هي العبادة الذاتية فأخبر أنه ذو عبادتين عبادة أمر و ذات و بالعبادة الذاتية يعبده أهل الجنان و أهل النار و لهذا يكون المال في الأشقياء إلى الرحمة لأن العبادة الذاتية قوية السلطان و الأمر عارض و الشقاء عارض و كل عارض زائل يجري إلى أجل مسمى

[ما تقدم لنبي قط قبل نبوته نظر عقلي في العلم بالله]

و اعلم أنه ما تقدم لنبي قط قبل نبوته نظر عقلي في العلم بالله و لا ينبغي له ذلك و كذلك كل ولي مصطفى لا يتقدم له نظر عقلي في العلم بالله و كل من تقدمه من الأولياء علم بالله من جهة نظر فكري فهو و إن كان وليا فما هو مصطفى و لا هو ممن أورثه اللّٰه الكتاب الإلهي و سبب ذلك أن النظر يقيده في اللّٰه بأمر ما يميزه به عن سائر الأمور و لا يقدر على نسبة عموم الوجود لله فما عنده سوى تنزيه مجرد فإذا عقد عليه فكل ما أتاه من ربه مخالف عقده فإنه يرده و يقدح في الأدلة التي تعضد ما جاءه من عند ربه فمن اعتنى اللّٰه به عصمه قبل اصطفائه من علوم النظر و اصطنعه لنفسه و حال بينه و بين طلب العلوم النظرية و رزقه الايمان بالله و بما جاء من عند اللّٰه على لسان رسول اللّٰه هذا في هذه الأمة التي عمت دعوة رسولها و أما في النبوة الأولى ممن كان في فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ فإنه يرزق و يحبب إليه الشغل بطلب الرزق أو بالصنائع العملية أو الاشتغال بالعلوم الرياضية من حساب و هندسة و هيأة و طب و شبه ذلك من كل علم لا يتعلق بالإله فإن كان مصطفى و يكون نبيا في زمان النبوة في علم اللّٰه فيأتيه الوحي و هو طاهر القلب من التقييد باله محصور في إحاطة عقله و إن لم يكن نبيا و جاء رسول إلى أمة هو منها قبل ما جاءه به نبيه ذلك لسذاجة محله ثم عمل بإيمانه و اتقى ربه رزقه اللّٰه عند ذلك فرقانا في قلبه و ليس لغيره ذلك هكذا أجرى اللّٰه عادته في خلقه و إن سعد صاحب النظر العقلي فإنه لا يكون أبدا في مرتبة الساذج الذي لم يكن عنده علم بالله إلا من حيث إيمانه و تقواه و هذا هو وارث الأنبياء في هذه الصفة فهو معهم و في درجتهم هذه فاعلم ذلك وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً

[علماء بالله بالفطرة]

و أما علوم الملائكة و ما عدا النفوس الناطقة المدبرة لهذه الهياكل الإنسانية و الهياكل الإنسانية فكلهم علماء بالله بالفطرة لا عن تفكر و لا استدلال و لهذا تشهد الجلود من هذه النشأة و الأسماع و الأبصار و الأيدي و الأرجل و جميع الجوارح على مدبرها بما أمرها به من التعدي لحدود ربه و ما شهادتها إلا إخبار بما جرى فيها من أفعال اللّٰه لأنها لا تعرف تعدى الحدود و لا العصيان فيكون ذلك التعريف بتعيين هذه الأفعال شهادة على النفوس المصرفة لها في تلك الأفعال فإن كل ما سوى هذه النفوس المشهود عليها ما تعلم إلا التسبيح بحمد ربها لا غير ذلك لما تجده في فطرتها و ما في العلوم أصعب تصورا من هذا العلم لطهارة النفوس الناطقة بحكم الأصل و لطهارة الأجسام و قواها بما فطرت عليه ثم باجتماع النفس و الجسم حدث الإنسان و تعلق التكليف و ظهرت الطاعات و المخالفات فالنفوس الناطقة لا حظ لها في المخالفة لعينها و النفوس الحيوانية تجري بحكم طبعها في الأشياء ليس عليها تكليف و الجوارح ناطقة بحمد اللّٰه مسبحة له تعالى فمن المخالف و العاصي المتوجه عليه الذم و العقوبة فإن كان قد حدث بالمجموع للجمعية القائمة بالإنسان أمر آخر كما حدث له اسم الإنسان فهو المذموم بالمخالفة خاصة فإن الإنسان العاقل البالغ هو المكلف لا غير و من زالت عنه هذه الشروط من هذا النوع فليس بمكلف و لا مذموم على ترك أو فعل منهي عنه

[العلماء بالله على أربعة أقسام]

ثم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست