responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 346

معي من نشأتي البدنية شيء أعول عليه و لا أنظر إليه فسلمت على والدي و سألني عن تربتي فقلت له إن الأرض أخذت مني جزأها و حينئذ خرجت عنها و عن الماء بطينتي فقال لي يا ولدي هكذا جرى لها مع أبيك فمن طلب حقه فما تعدى و لا سيما و أنت لها مفارق و لا تعرف هل ترجع إليها أم لا فإنه تعالى يقول إِذٰا شٰاءَ أَنْشَرَهُ و لا يعلم أحد ما في مشيئة الحق إلا أن يعلمه الحق بذلك فالتفت فإذا أنا بين يديه و عن يمينه من نسم بنيه عيني فقلت له هذا أنا فضحك فقلت له فأنا بين يديك و عن يمينك قال نعم هكذا رأيت نفسي بين يدي الحق حين بسط يده فرأيتني و بنى في اليد و رأيتني بين يديه فقلت له فما كان في اليد الأخرى المقبوضة قال العالم قلت له فيمين الحق تقضي بتعيين السعادة فقال نعم تقضي بالسعادة فقلت له فقد فرق الحق لنا بين أصحاب اليمين و أصحاب الشمال فقال لي يا ولدي ذلك يمين أبيك و شماله أ لا ترى نسم بنى على يميني و على شمالي و كلتا يدي ربي يمين مباركة فبنى في يميني و في شمالي و أنا و بنى في يمين الحق و ما سوانا من العالم في اليد الأخرى الإلهية قلت فإذا لا نشقى فقال لو دام الغضب لدام الشقاء فالسعادة دائمة و إن اختلف المسكن فإن اللّٰه جاعل في كل دار ما يكون به نعيم أهل تلك الدار فلا بد من عمارة الدارين و قد انتهى الغضب في يوم العرض الأكبر و أمر بإقامة الحدود فأقيمت و إذا أقيمت زال الغضب فإن الرسالة تزيله فهو عين إقامة الحدود على المغضوب عليه فلم يبق إلا الرضاء و هو الرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فإذا انتهت الحدود صار الحكم للرحمة العامة في العموم فأفادني أبي آدم هذا العلم و لم أكن به خبيرا فكان لي ذلك بشرى معجلة إلهية في الحياة الدنيا و تنتهي القيامة بالزمان كما قال اللّٰه خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ و هذه مدة إقامة الحدود و يرجع الحكم بعد انقضاء هذه المدة إلى الرحمن الرحيم و للرحمن الأسماء الحسنى و هي حسني لمن تتوجه عليه بالحكم فالرحيم برحمته ينتقم من الغضب و هو شديد البطش به مذل له مانع بحقيقته فيبقى الحكم في تعارض الأسماء بالنسب و الخلق بالرحمة مغمورون فلا يزال حكم الأسماء في تعارضها لا فينا فافهم فإنه علم غريب دقيق لا يشعر به بل الناس في عماية عنه و ما منهم إلا من لو قلت له ترضى لنفسك أن يحكم عليك ما يسوءك من هذه الأسماء لقال لا و يجعل حكم ذلك الاسم الذي يسوء في حق غيره فهذا من أجهل الناس بالخلق و هو بالحق أجهل فأفاد هذا الشهود بقاء أحكام الأسماء في الأسماء لا فينا و هي نسب تتضاد بحقائقها فلا تجتمع أبدا و يبسط اللّٰه رحمته على عباده حيث كانوا فالوجود كله رحمة ثم رحلت عنه بعد ما دعا لي فنزلت بعيسى ع في السماء الثانية فوجدت عنده ابن خالته يحيى ع فكانت الحياة الحيوانية و لو كان يحيى بن خالته لكان روحا و لما كانت الحياة الحيوانية ملازمة للروح وجدت يحيى عند روح اللّٰه عيسى لأن الروح حي بلا شك و ما كل حي روح فسلمت عليهما فقلت له بما ذا زدت علينا حتى سماك اللّٰه بالروح المضاف إلى اللّٰه فقال أ لم تر إلى من وهبني لأمي ففهمت ما قال فقال لي لو لا هذا ما أحييت الموتى فقلت له فقد رأينا من أحيا الموتى ممن لم تكن نشأته كنشأتك فقال ما أحيا الموتى من أحياهم إلا بقدر ما ورثه عني فلم يقم في ذلك مقامي كما لم أقم أنا مقام من وهبني في إحياء الموتى فإن الذي وهبني يعني جبريل ما يطأ موضعا إلا حيي ذلك الموضع بوطأته و أنا ليس كذلك بل حظنا أن نقيم الصور بالوطء خاصة و الروح الكل يتولى أرواح تلك الصور و ما يطئوه الروح الذي وهبني هو يعطي الحياة في صورة ما أظهره الوطء فاعلم ذلك ثم رددت وجهي إلى يحيى ع و قلت له أخبرت إنك تذبح الموت إذا أتى اللّٰه به يوم القيامة فيوضع بين الجنة و النار ليراه هؤلاء و هؤلاء و يعرفون أنه الموت في صورة كبش أملح قال نعم و لا ينبغي ذلك إلا لي فإني يحيى و إن ضدي لا يبقى معي و هي دار الحيوان فلا بد من إزالة الموت فلا مزيل له سواى فقلت له صدقت فيما أشرت إلي به و لكن في العالم يحيى كثير فقال لي و لكن لي مرتبة الأولية في هذا الاسم فبي يحيى كل من يحيى من الناس من تقدم و من تأخر و إن اللّٰه ما جعل لي من قبل سميا فكل يحيى تبع لي فبظهوري لا حكم لهم فنبهني على شيء لم يكن عندي فقلت جزاك اللّٰه عني خيرا من صاحب موروث و قلت الحمد لله الذي جمعكما في سماء واحدة أعني روح اللّٰه عيسى و يحيى ع حتى أسألكما عن مسألة واحدة فيقع الجواب بحضور كل واحد منكما فإنكما خصصتما بسلام الحق فقيل في عيسى إنه قال في المهد وَ السَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا و قيل في يحيى وَ سَلاٰمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا فأخبر عيسى عن نفسه بسلام

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست