responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 332

خمسا أو سبعا أو تسعا في إقامة المهدي و جميع ما يحتاج إليه مما يكون قيام وزرائه به تسعة أمور لا عاشر لها و لا تنقص عن ذلك و هي نفوذ البصر و معرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء و علم الترجمة عن اللّٰه و تعيين المراتب لولاة الأمر و الرحمة في الغضب و ما يحتاج إليه الملك من الأرزاق المحسوسة و المعقولة و علم تداخل الأمور بعضها على بعض و المبالغة و الاستقصاء في قضاء حوائج الناس و الوقوف على علم الغيب الذي يحتاج إليه في الكون في مدته خاصة فهذه تسعة أمور لا بد أن تكون في وزير الإمام المهدي إن كان الوزير واحدا أو وزرائه إن كانوا أكثر من واحد فأما نفوذ البصر فذلك ليكون دعاؤه إلى اللّٰه على بصيرة في المدعو إليه لا في المدعو فينظر في عين كل مدعو ممن يدعوه فيرى ما يمكن له الإجابة إلى دعوته فيدعوه من ذلك و لو بطريق الإلحاح و ما يرى منه أنه لا يجيب دعوته يدعوه من غير إلحاح لإقامة الحجة عليه خاصة فإن المهدي حجة اللّٰه على أهل زمانه و هي درجة الأنبياء التي تقع فيها المشاركة قال اللّٰه تعالى أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي أخبر بذلك عن نبيه ص فالمهدي ممن اتبعه و هو ص لا يخطئ في دعائه إلى اللّٰه فمتبعه لا يخطئ فإنه يقفو أثره و

كذا ورد الخبر في صفة المهدي أنه قال ص يقفو أثري لا يخطئ و هذه هي العصمة في الدعاء إلى اللّٰه و ينالها كثير من الأولياء بل كلهم و من حكم نفوذ البصر أن يدرك صاحبه الأرواح النورية و النارية عن غير إرادة من الأرواح و لا ظهور و لا تصور

كابن عباس و عائشة رضي اللّٰه عنهما حين أدركا جبريل ع و هو يكلم رسول اللّٰه ص على غير علم من جبريل بذلك و لا إرادة منه للظهور لهم فأخبرا بذلك رسول اللّٰه ص و لم يعلما أنه جبريل ع فقال لها ص أو قد رأيتيه و قال لابن عباس أ رأيته قالا نعم قال ذلك جبريل و كذلك يدركون رجال الغيب في حال إرادتهم الاحتجاب و أن لا يظهروا للابصار فيراهم صاحب هذا الحال و من نفوذ البصر أيضا إنهم إذا تجسدت لهم المعاني يعرفونها في عين صورها فيعلمون أي معنى هو ذلك الذي تجسد من غير توقف

«وصل»و أما معرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء

فهو قوله تعالى وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فأما الوحي من ذلك فهو ما يلقيه في قلوبهم على جهة الحديث فيحصل لهم من ذلك علم بأمر ما و هو الذي تضمنه ذلك الحديث و إن لم يكن كذلك فليس بوحي و لا خطاب فإن بعض القلوب يجد أصحابها علما بأمر ما من العلوم الضرورية عند الناس فذلك علم صحيح ليس عن خطاب و كلامنا إنما هو في الخطاب الإلهي المسمى وحيا فإن اللّٰه تعالى جعل مثل هذا الصنف من الوحي كلاما و من الكلام يستفيد العلم بالذي جاء له ذلك الكلام و بهذا يفرق إذا وجد ذلك و أما قوله تعالى أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ فهو خطاب إلهي يلقيه على السمع لا على القلب فيدركه من ألقى عليه فيفهم منه ما قصد به من أسمعه ذلك و قد يحصل له ذلك في صور التجلي فتخاطبه تلك الصورة الإلهية و هي عين الحجاب فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه و يعلم أن ذلك حجاب و أن المتكلم من وراء ذلك الحجاب و ما كل من أدرك صورة التجلي الإلهي يعلم أن ذلك هو اللّٰه فما يزيد صاحب هذه الحال على غيره إلا بأن يعرف أن تلك الصورة و إن كانت حجابا فهي عين تجلى الحق له و أما قوله تعالى أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فهو ما ينزل به الملك أو ما يجيء به الرسول البشري إلينا إذا نقلا كلام اللّٰه خاصة مثل التالي قال تعالى فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و قوله تعالى وَ نٰادَيْنٰاهُ مِنْ جٰانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَ قَرَّبْنٰاهُ نَجِيًّا و قوله تعالى نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّٰارِ وَ مَنْ حَوْلَهٰا فإن نقلا علما و أفصحا عنه و وجداه في أنفسهما فذلك ليس بكلام إلهي و قد يكون الرسول و الصورة معا و ذلك في نفس الكتابة فالكتاب رسول و هو عين الحجاب على المتكلم فيفهمك ما جاء به و لكن لا يكون ذلك إذا كتب ما علم و إنما يكون ذلك إذا كتب عن حديث يخاطبه به تلك الحروف التي يسطرها و متى لم يكن كذلك فما هو كلام هذا هو الضابط فاللقاء للرسل و الإلقاء للخبر الإلهي بارتفاع الوسائط من كونه كلمه لا غير و الكتابة رقوم مسطرة حيث كانت لم تسطر إلا عن حديث ممن سطرها لا عن علم فهذا كله من الخطاب الإلهي لصاحب هذا المقام

[علم الترجمة عن اللّٰه]

و أما علم الترجمة عن اللّٰه فذلك لكل من كلمه اللّٰه في الإلقاء و الوحي فيكون المترجم خلاقا لصور الحروف اللفظية أو المرقومة التي يوجدها و يكون روح تلك الصور كلام اللّٰه لا غير فإن ترجم عن علم فما هو مترجم لا بد من ذلك يقول

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست