responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 287

أحق فبالحق كان ميز الخلق عنه لا بالخلق يميز الحق عنه لأن الخلق متلبس بنعوت الحق و ليس الحق متلبسا بالخلق و لذلك كان ظهور الخلق بالحق و لم يكن ظهور الحق بالخلق لكون الحق لم يزل ظاهرا لنفسه فلم يتصف بالافتقار في ظهوره إلى شيء كما اتصف الخلق بالافتقار في ظهوره لعينه في عينه إلى الحق و نريد بالخلق هنا الإنسان الذي له المثلية لا غيره فإن هذا الفصل وقع بين المثلين فللفصل حكم المثلين بلا شك لأنه يقابل كل مثل بذاته و لولاه لما تميز المثل عن مثله و مثليتك له قوله وَ أَنْفِقُوا مِمّٰا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ و قوله وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاٰئِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ ... لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا بإعطاء كمال الإنسانية و هو الصورة لبعضهم و هم الذين رفعهم اللّٰه و المرفوع عليهم هم الأناسي الحيوانيون و مثليته لك أن جعل نفسه لك وكيلا فيما هو حق لك فيتصرف فيه عنك بحكم الوكالة المطلقة المفوضة الدورية فإن وكالة الحق لا بد أن تكون دورية اعتناء من اللّٰه بعبده لأنه خلقه صاحب غفلات و نسيان و الغفلة و النسيان أحوال تطرأ على هذه النشأة الإنسانية و الأحوال لها الحكم مطلقا في كل من اتصف بالوجود لا أحاشي موجودا من موجود فإذا غفل الإنسان في حركة ما من حركاته فتصرف فيها بنفسه فذلك التصرف النفسي عزل الحق عن الوكالة فإذا كانت الوكالة دورية كان كل ما انعزل الحق عن هذه الوكالة بالتصرف النفسي ولي الأمر فلم يتصرف إلا اللّٰه فإن اللّٰه أمرك أن تتخذه وكيلا في سورة المزمل فهذه فائدة الوكالة الدورية و هي عن أمره تعالى عبده و جعلها في التوحيد فقال رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً إشارة إلى التصرف في الجهات و ما ذكر منها إلا المشرق و هو الظاهر و المغرب و هو الباطن و بالعين الواحدة التي هي الشمس إذا طلعت أحدثت اسم المشرق و إذا غربت أحدثت اسم المغرب و للإنسان ظاهر و باطن لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً في ظاهرك و باطنك فإنه رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فانظر ما أعجب القرآن و هذه النيابات كلها التي ذكرناها و نذكرها نيابات توحيد لا غير ذلك فإن ظهرت أنت لم يكن الظاهر إلا هو و إن لم تظهر فهو هو إذ الواحد لا ينقسم في نفسه إلا بالحكم و النسب و هو تعالى ذو أسماء كثيرة فهو ذو نسب و أحكام فأحديته بنا أحدية الكثرة و العين واحدة و لهذا ينسب الظهور لنا في وقت و ينسب إليه في وقت و يضاف إليه في حكم و يضاف إلينا في حكم فقد تبين لك أن عين ما قام فيه الإنسان عين ما قام فيه الحق بين ظاهر و باطن فإذا ظهر من ظهر بطن الآخر و كانت النيابة للظاهر عن الذي بطن و كانت النيابة للذي بطن فيما بطن فيه عن الذي ظهر فلا يزال حكم الخلافة و الوكالة و هي خلافة و نيابة دائما أبدا دنيا و آخرة فإن الحق كُلَّ يَوْمٍ من أيام الأنفاس هُوَ فِي شَأْنٍ ما وكلته فيه فإنه لك يتصرف و لك يصرف فيما استخلفك فيه فأنت تتصرف عن أمر وكيلك فأنت خليفة خليفتك كما أنه ملك الملك بالوكالة فهذا عين ما هو الوجود عليه و ما بيننا و بين الناس فرق في ذلك في نفس الأمر إلا أني أعرف و هم لا يعرفون ذلك لأجل الأغطية التي على عين بصيرتهم و الأكنة و الأقفال التي على قلوبهم و فيها

[النيابة العاشرة فهي نيابة توحيد الموتى]

و أما النيابة العاشرة فهي نيابة توحيد الموتى فإنه بالموت تنكشف الأغطية و يتبين الحق لكل أحد و لكن ذلك الكشف في ذلك الوقت في العموم لا يعطي سعادة إلا لمن كان من العامة عالما بذلك فإذا كشف الغطاء فرأى ما علم عينا فهو سعيد و أما أصحاب الشهود هنا فهو لهم عين و عند كشف الغطاء تكون تلك العين لهم حقا فينتقل أهل الكشف من العين إلى الحق و ينتقل العالم من العلم إلى العين و ما سوى هذين الشخصين فينتقلون من العمي إلى الأبصار فيشهدون الأمر بكشف غطاء العمي عنهم لا عن علم تقدم فلا بد من مزيد لكل طائفة عند الموت و رفع الغطاء و لهذا قال من قال من الصحابة لو كشف الغطاء فأثبت لك أن ثم غطاء ثم قال ما ازددت يقينا يعني فيما علم إذا عاينه فلا يزيد يقينا في العلم لكن يعطيه كشف الغطاء أمرا لم يكن عنده فيصح قوله ما ازددت يقينا في علمه إن كان ذا علم و في عينه إن كان ذا عين لا أنه لا يزيد بكشف الغطاء أمرا لم يكن له إذ لو كان كذلك لكان كشف الغطاء في حق من هذه صفته عبثا معرى عن الفائدة

و لكن للعيان لطيف معنى لذا سأل المعاينة الكليم
فما كان الغطاء إلا و وراءه أمر وجودي لا عدمي فهذه النيابة عن الحق للعبد في البرزخ فيقوم حاكما بصورة حق و نيابة في عالم الخيال فيكون له عليه سلطان في هذه الدار الدنيا فيجسد ما شاء من المعاني للناظر و قد نال من هذه السلطنة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست