responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 261

أنه ليس في المنازل و لا في المقامات منزل عم جميع العالم و الإنسان إلا هذا المنزل فله عموم الرحمة في العالم لأن العالم من حيث حقيقته قام على أربعة أركان في صورته الجسمية و الروحانية فهو من حيث طبيعته مربع و من حيث روحه مربع فمن حيث جسده ذو أربع طبائع عن أركان أربعة و من حيث روحه عن أم و أب و نفخ و توجه فجاءته الرحمة من أربعة وجوه لكل وجه رحمة تخصه فالرحمة التي تبقي عليه رطوبته حتى لا تؤثر فيها يبوسته غير الرحمة التي تحفظ عليه يبوسته لئلا تفنيها رطوبته و الرحمة التي تحفظ عليه برودته لئلا تفنيها حرارته غير الرحمة التي تحفظ عليه حرارته لئلا تفنيها برودته فتمانعت فبقيت لهذا التمانع و التكافؤ صورة الجسم ما دام هذا التكافؤ و الممانعة و من هذا المنزل انبعثت هذه الرحمات الأربع فمن وقف عليها من نفسه علم ما له و من لم يقف عليها من نفسه جهل حاله و إنما حجب اللّٰه من حجب عن شهودها حتى لا يتكلموا كما ورد في حديث معاذ و حديث عمر و كشفها اللّٰه للامناء حيث علم منهم أنهم لا يؤدون الأمانة إلا لأهلها فإن اللّٰه قد خلق للعلم أهلا بمثل هذا و جعل وصول العلم إليهم بمثل هذا على نوعين إما منه إليهم و إما من معلم قد علم أمانة غيره و هو أمين مثل ما علم من أمانته فالقى ذلك العلم إليه إذ كان من أهله و هو مأمور من اللّٰه تعالى بأداء الأمانة فإذا وقفت على هذه الرحمات من نفسك حالت بينك و بين كل ما يؤدي إلى بعدك عن اللّٰه تعالى و عن سعادتك و اتصفت بالانقياد إلى اللّٰه في كل حال بما دعاك إليه هذا أثرها فيك إذا شاهدتها فتورثك الأدب الإلهي و لا يكون هذا الآتي بهذا العلم إليك إلا عالما بك و بما تكون به حياتك و هو من الأرواح السيارة و الملائكة أولي الأجنحة على طبقاتها في الأجنحة فأعلاهم أقلهم أجنحة و أقلهم أجنحة من له جناحان فإنه ما ثم من له جناح واحد لا مساعد له إما من جناح أو غيره و قد رأينا حيوانا على فرد رجل و قد خرج من صدره شبه درة المحتسب يحركه تحريك الجناح و يعدو بتلك الحركة و يحرك رجله الواحدة بحيث أن السابق من الخيل لا يلحقه ما بين القل و جيجل ببلاد المغرب فلهذا لنا من لا مساعد له فمن الملائكة من له جناحان إلى ستمائة جناح إلى ما فوق ذلك فهذا علم لا يأتي لمن أتى إليه إلا على يدي ملك كريم مطيع لا يعصي اللّٰه ما أمره له جناحان ينزل بهما إلى قلب هذا العبد فإن أجنحة الملائكة للنزول لا للصعود و أجنحة الأجسام العنصرية للصعود لا للنزول لأن الملائكة تجري بطبعها الذي عليه صورة أجسامها إلى أفلاكها التي عنها كان وجودها فإذا نزلت إلى الأرض نزلت طائرة بتلك الأجنحة و هي إذا رجعت إلى أفلاكها ترجع بطبعها بحركة طبيعية و إن حركت أجنحتها حتى أنها لو لم تحرك أجنحتها لصعدت إلى مقرها و مقامها بذاتها و أجسام الطير العنصري يحرك جناحه للصعود و لو ترك تحريك جناحه أو بسطة لنزل إلى الأرض بطبعه فما يبسط جناحه في النزول إلا للوزن في النزول لأنه إن لم يزن نزوله و بقي مع طبعه تأذى في نزوله لقوة حكم الطبع فحركة جناحه في النزول حركة حفظ فاعلم ذلك

[أن البهائم تعلم من الإنسان و من أمر الدار الآخرة]

و اعلم أن البهائم تعلم من الإنسان و من أمر الدار الآخرة و من الحقائق التي الوجود عليها ما يجهله بعض الناس و لا يعلمه كما حكي عن بعضهم أنه رأى رجلا راكبا على حمار و هو يضرب رأس الحمار بقضيب فنهاه الرائي عن ضربه رأس الحمار فقال له الحمار دعه فإنه على رأسه يضرب فجعله عين الحمار و علم الحمار أنه مجازي بمثل ما فعل معه و قوله دعه لما علم الحمار ما له في ذلك من الخير عند اللّٰه أو لعلمه أيضا بأنه ما وفى له بحق ما خلق له من التسخير فعلم أنه مستحق بالضرب فنبه بذلك السامع له أن الشخص إذا لم يجيء بحق ما تعين عليه لصاحبه استحق الضرب أدبا و جزاء لما كان منه و هذه كلها وجوه محققة لصورة هذا الفعل و القول من هذا الحمار إلى غير ذلك من الوجوه التي يطلبها هذا الفعل و

قال رسول اللّٰه ص في ناقته لما هاجر إلى المدينة و بركت الناقة بفناء أبي أيوب الأنصاري فأراد من حضر من أصحابه ص أن يقيمها و النبي ص راكب عليها فقال دعوها فإنها مأمورة و قال حبسها حابس الفيل يعني عن مكة و حديث الفيل مشهور الصحة فجميع ما سوى الثقلين و بعض الناس و الجان على بينة من ربهم في أمرهم من حيوان و نبات و جماد و ملك و روح و يتضمن هذا المنزل من العلوم علم الأعداد و علم الحروف و هو علم الأولياء كذا قال محمد بن علي الترمذي الحكيم و علم المجمل و علم الرحمات المختصة بالإنسان و علم التبيان و علم البشائر و علم مراتب الايمان و علم إقامة نشأة الأعمال من المكلفين و غير

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست