responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 257

بالمراتب و فيه علم الأنساب و الأحساب و ما يقع به الشرف في الانتساب و ما لا يقع و

نهى النبي ص عن الطعن في الأنساب و فيه علم الأهوال الشاغلة و فيه علم الجبر و من هو المجبور و فيه علم التنزيه و فيه علم عواقب الثناء و أوائله و فيه علم الأحكام و لمن تنسب و من يحكم بها و فيه علم التقدير الذي لم يقع لو وقع ما ينتج و هل ترك وقوعه من باب الرحمة بالعالم أم لا و فيه علم إقامة الحجج و فيه علم الابتلاء و ما فائدته و فيه علم صنعة الكيمياء و فيه علم الاعتبار و فيه علم التمني و ما يفيد منه و ينفع المتمني و ما لا يفيد و لا ينفع و فيه علم أهلية كل موجود لما أهل له و فيه علم من جازى بأفضل مما عمل له و من أجاب بأكثر مما سئل عنه و فيه علم ما نهي عنه المؤمن هل هو بقاء على الأصل لأنه ترك و لما ذا تأخر عن الأمر و كلاهما حكم اللّٰه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السابع و الخمسون و ثلاثمائة في معرفة منزل البهائم من الحضرة الإلهية
و قهرهم تحت سرين موسويين»



هيهات ما تسدل الأستار و الكلل إلا لأمر عظيم كله جلل
لو أن ما سترت يبدو لأعيننا لما بدت نحل فينا و لا ملل
و لا بد أعرض في طيه مرض و لا دواء و لا طب و لا علل
و لا جديد تكون النفس تلبسه و لا التوسط منه لا و لا الثمل
إن الستور ترى في العين صورتها و ليس يدركها في ذلكم ملل
و أعين الكون خلف الستر ناظرة و الحجب تبصر ما لا تبصر المقل

[التخلق بأسماء إلهية و التحقق بأرواح طاهرة ملكية سبب معرفة الأمور]

اعلم أيدك اللّٰه أيها الطالب أن معرفة الأمور على ما هي عليه في أنفسها إنك لا تعلم ذلك إلا إذا أوقفك اللّٰه عليك من نفسك و أشهدك ذلك من ذاتك فيحصل لك ما طلبته ذوقا عند ما تقف عليه كشفا و لا سبيل إلى حصول ذلك إلا بعناية أزلية تعطيك استعدادا تاما لقبوله برياضات نفسية و مجاهدات بدنية و تخلق بأسماء إلهية و تحقق بأرواح طاهرة ملكية و تطهير بطهارة شرعية مشروعة لا معقولة و عدم تعلق بأكوان و تفريغ محل عن جميع الأغيار لأن الحق ما اصطفى لنفسه منك إلا قلبك حين نوره بالإيمان فوسع جلال الحق فعاين من هذه صفته الممكنات بعين الحق فكانت له مشهودة و إن لم تكن موجودة فما هي له مفقودة و قد كشف لبصيرته بل لبصره و بصيرته نور الايمان حين انبسط على أعيان الممكنات أنها في حال عدمها مرئية رائية مسموعة سامعة برؤية ثبوتية و سمع ثبوتي لا وجود له فعين الحق ما شاء من تلك الأعيان فوجه عليه دون غيره من أمثاله قوله المعبر عنه باللسان العربي المترجم بكن فأسمعه أمره فبادر المأمور فتكون عن كلمته لا بل كان عين كلمته و لم تزل الممكنات في حال عدمها الأزلي لها تعرف الواجب الوجود لذاته و تسبحه و تمجده بتسبيح أزلي و تمجيد قديم ذاتي و لا عين لها موجودة و لا حكم لها مفقود فإذا كان حال الممكنات كلها على ما ذكرناه من هذه الصفات التي لا جهل معها فكيف تكون في حال وجودها و ظهورها لنفسها جمادا لا ينطق أو نباتا بتعظيم خالقه لا يتحقق أو حيوانا بحاله لا يصدق أو إنسانا بربه لا يتعلق هذا محال فلا بد أن يكون كل ما في الوجود من ممكن موجود يسبح اللّٰه بحمده بلسان لا يفقه و لحن ما إليه كل أحد يتنبه فيسمعه أهل الكشف شهادة و يقبله المؤمن إيمانا و عبادة فقال تعالى وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً غَفُوراً فجاء باسم الحجاب و الستر و هو قوله غَفُوراً و جاء بالاسم الذي يقتضي تأخير المؤاخذة إلى الآجل و عدم حكمها في العاجل و هو الحليم لما علم إن في عباده من حرم الكشف و الايمان و هم العقلاء عبيد الأفكار و الواقفون مع الاعتبار فجازوا من الظاهر إلى الباطن مفارقين الظاهر فعبروا عنه إذ لم يكونوا أهل كشف و لا إيمان لما حجب اللّٰه أعينهم عن مشاهدة ما هي عليه الموجودات في أنفسها و لا رزقوا إيمانا في قلوبهم يكون له نور يَسْعىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ و أما المؤمنون الصادقون أولوا العزم من الأولياء فعبروا بالظاهر معهم لا من الظاهر إلى الباطن و بالحرف عينه إلى المعنى ما عبروا عنه فرأوا الأمور بالعينين و شهدوا بنور إيمانهم النجدين فلم يتمكن لهم إنكار

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست