responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 253

من المعضل من المتشابه و فيه علم تعلق الايمان بما ليس بحق مثل قوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْبٰاطِلِ و فيه علم الداعي الذي يوجب استعجال طلب الشقاء و فيه علم مواطن الايمان و الزلف و فيه علم مراتب الصبر و التوكل و فيه علم من عرف الحق و اجتنبه و ما يحمد من ذلك و ما يذم كالحق المأمور باجتنابه كالغيبة و فيه علم البسط المحمود و المذموم و فيه علم من علم أمرا فقيل له ما تعلمه و فيه علم الحياة السارية في الموجودات و بطونها في الدنيا و ظهورها في الآخرة و بأي بصر كشفها في الدنيا من كشفها و فيه علم الاضطرار و كيف يذهب بذهابه و فيه علم الطرق إلى اللّٰه و إن اختلفت فكلها حق و ما يحمد منها و يذم و ما يوصل إلى السعادة منها و ما يحيد بسالكه عن سعادته مع كونه يصل إلى اللّٰه و فيه علم المعية الإلهية و مراتب الموجودات فيها فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس و الخمسون و ثلاثمائة في معرفة منزل ثلاثة أسرار مكتتمة و السر العربي في الأدب
الإلهي و الوحي النفسي و الطبيعي و هو من الحضرة المحمدية»



بذلت نفسي لنفسي كي أفوز بمن قد كان عندي و لم أشعر بموضعه
حتى رأيت له شكلا يماثلني فغبت فيه بأمر من مشرعه
هل للنعيم به أو للتخلق بالأسماء فانظر إلى أحوال مبدعه
فإن يخاطبك الرحمن من كتب بسر حكمته فاحضر عسى تعه

[أن اللّٰه تعالى عمر الخلأ بالعالم كله و امتلأ به]

اعلم أيدك اللّٰه أن اللّٰه تعالى لما عمر الخلأ بالعالم كله امتلأ به و خلق فيه الحركة ليستحيل بعضه لبعض و تختلف فيه الصور بالاستحالات لطبيعة الخلأ الذي ملأه من العالم ذلك الذي استحال إليه فلا يزال يستحيل دائما و ذلك هو الخلق الجديد الذي أكثر الناس منه في لبس و شك و من علم هذا من أهل اللّٰه الذين أشهدهم اللّٰه ذلك عينا في سرائرهم علم استحالة الدنيا إلى الآخرة و استحالة الآخرة بعضها إلى بعض كما استحال منها ما استحال إلى الدنيا

كما ورد في الخبر في النيل و الفرات و سيحان و جيحان إنها من أنهار الجنة استحالت فظهرت في الدنيا بخلاف الصورة التي كانت عليها في الآخرة و من ذلك

قوله بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة فاستحالت تربة في الدنيا في مساحة مقدرة معلومة و كذلك وادي محسر هو واد في النار استحال إلى الدنيا و آدم و حواء و إبليس من عالم الآخرة استحالوا إلى الدنيا ثم يستحيلون إلى الآخرة فتتغير عليهم الصور بحسب ما تعطيه طبيعة المكان المتوهم الذي تنقلهم إليه الحركة فتؤثر فيهم روحا كان أو جسما متحيزا كان أو غير متحيز و اللّٰه محركه على الدوام و لو لا نحن ما تميزت آخرة من دنيا فإن اللّٰه ما اعتبر من العالم في هذه الإضافة إلا هذا النوع الإنساني و الجان فجعل الظهور للانس من اسمه الظاهر و جعل البطون للجان من اسمه الباطن و ما عداهما فمسخر لهما كما هو في نفسه مسخر بعضه لبعضه من أجل الدرجات التي أنزلهم فيها فأعطتهم الدرجات صور ما استحالوا إليه لما نقلتهم الحركة الإلهية إليها و لما لم تظهر لأعياننا إلا هنا سميت هذه الدار دار الدنيا و الأولى و سميت الحياة الدنيا فإذا استحلنا إلى البرزخ و استحلنا من البرزخ إلى الصور التي يكون فيها النشر و البعث سميت تلك الآخرة و لا يزال الأمر في الآخرة في خلق جديد منها فيها أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار إلى ما لا يتناهى فلا نشاهد في الآخرة إلا خلقا جديدا في عين واحدة فالعالم متناه لا متناه و لما كان الأمر هكذا لذلك يرى الإنسان نفسه إذا هو نام في الجنة أو في القيامة أو في غير مكانه و بلده مما يعرفه أو يجهله و في غير صورته و في غير حاله فقد استحال في نفسه بحركته التي نقلته من اليقظة إلى النوم إلى صور يعهدها في أوقات و لا يعهدها في أوقات و إلى أحوال محمودة حسنة يسر بها و أحوال مذمومة قبيحة يتألم لها ثم تسرع إليه الاستحالة فيرجع إلى اليقظة إما باستيفاء المعنى الذي استحال إليه في النوم فلم يبق فيه ما يعطيه في تلك الاستحالة الخاصة و هو الذي ينتبه من غير سبب و هو الانتباه الطبيعي لما أخذت النفس للعين حقها من النوم الذي فيه راحتها فإن انتقل من النوم إلى اليقظة بسبب إما من جهة الحس و إما من أمر مفزع أو حركة ما مزعجة ظهرت منه في حال نومه فاستيقظ فإن وافق ذلك الأمر استيفاء العين حقها من النوم الطبيعي كان و إن لم يوافق و بقي من حق العين بقية لو لا ذلك السبب لاستوفاها فإنه يستوفيها في نوم آخر و لذلك بعض النائمين يطول نومهم في وقت و سبب طوله ما ذكرناه و أما قصر نومه فلأحد أمرين و هو ما ذكرناه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست