responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 247

على ذلك و فيه علم يقضي بأن الأمر بدء كله لا إعادة فيه و فيه علم كون الحق ينزل في الخطاب إلى فهم المخاطب و كله حق و إن تناقض و ظهر فيه تقابل فثم عين واحدة تجمعه كالسواد و البياض ضدان متقابلان يجمعهما اللون و كالألوان حقائق مختلفة يجمعهن العرض و فيه علم التوحيد بعين التشبيه و فيه علم التفضيل و فيه علم حكم كلمات اللّٰه حكم خلق اللّٰه و فيه علم تكوين الأعمال الكونية و إقامتها صورا و فيه علم الجمع و الوجود و فيه علم ما تقتضيه النشأة الطبيعية من الأحكام و فيه علم العلل و الأسباب و الجزاء و فيه علم الفرق بين أسباب الدنيا و أسباب الآخرة و فضل أسباب الدنيا عليها و فيه علم ما يعود على الإنسان من عمله و ما يضيف إلى اللّٰه من ذلك يضيفه إلى نفسه و فيه علم التكوين الإلهي من الأسباب الكونية و هي الآثار العلوية البرزخية لا غير و فيه علم تغير الأحوال لتغير الحركات الفلكية و فيه علم حال الحيوان من حين نشأته إلى حين موته و فيه علم القياس الإلهي و فيه علم تأثير الكون في الكون و علم ما يتقي به ذلك التأثير و فيه علم القيامة و أحوالها و مراتبها و فيه علم أمر العالم بجملته و فيه علم فضل أهل النواميس الإلهية على أهل النواميس العقلية الحكمية فهذا ذكر أكثر ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الخامس و الخمسون و ثلاثمائة في معرفة منزل السبل المولدة و أرض العبادة
و اتساعها و قوله تعالى يٰا عِبٰادِيَ(الَّذِينَ آمَنُوا)إِنَّ أَرْضِي وٰاسِعَةٌ فَإِيّٰايَ فَاعْبُدُونِ »



ما لأرض اللّٰه واسعة و سماء اللّٰه تنكحها
مجمع الأبواب مغلقة و يمين الجود تفتحها
و صدور ضاق مسكنها و بنور العلم يشرحها
مبهمات السر مظلمة و علوم الكشف توضحها
كل ما أعطيت من نعم حضرة المحسان تمنحها
ثم إن قام الفساد بها فعسى الرحمن يصلحها
ثم إن شدت و إن عدلت فلجام الهدى يكبحها
كل دعوى غير صادقة فلسان العجز يفضحها
زند ذي البلوى بكل أذى من بلاء الكون يقدحها

[لا هجرة بعد الفتح]

قال اللّٰه تعالى أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِيهٰا و لم يقل منها و لا إليها فهي أرض اللّٰه سواء سكنها من يعبده أو من يستكبر عن عبادته و قال عز من قائل يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وٰاسِعَةٌ فَإِيّٰايَ فَاعْبُدُونِ فأضافها إليه أشد إضافة من قوله إِنَّ الْأَرْضَ لِلّٰهِ و كذلك أضاف العباد إليه إضافة الأرض إضافة اختصاص و كذلك أضافهم في الأمر بالعبادة إليه فقال فَإِيّٰايَ فَاعْبُدُونِ و قال في غير هذا الموطن اُعْبُدُوا اللّٰهَ و اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ فمن عرف قدر هذه الإضافة إلى المتكلم عرف قدر ما بين الإضافتين و إن كان المقصود بالعبادة واحدا فضيق في توسعه في إضافتهم إلى المتكلم و وسع في إضافتهم إلى الاسم و هنا أسرار لا يعلمها إلا من يعلم الأمر على ما هو عليه في نفسه و هو

قوله ع لما فتح مكة لا هجرة بعد الفتح مع أن مكة أشرف البقاع و أنها بيت اللّٰه الذي يحج إليه من مشارق الأرض و مغاربها و لكن أمر و عظم الأجر لمن يهاجر منها من أجل ساكنيها فلما فتحها اللّٰه و أسكنها المؤمنين من عباده

قال لا هجرة بعد الفتح فمن فتح اللّٰه عليه رآه في كل شيء أو عين كل شيء فلم يهاجر لأنه غير فاقد فإن هاجر فعن أمره فيهاجر به منه إليه عن أمره مثل خروجه إلى أداء الصلاة في مسجد الجماعة و مثل خروجه إلى مكة يريد الحج و كخروجه أيضا إلى الجهاد و إلى الزيارة و زيارة أخ في اللّٰه تعالى أو في السعي على العيال فهذا كله ليس بهجرة على الحقيقة و إنما هي سياحة عن أمر إلهي على شهود فإن لم يكن على شهود و لا كأنه شهود فما هو مطلوبنا في هذا الموضع فإن أدنى مرتبة الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه و لما خلق اللّٰه الإنسان الكامل بالصورتين الموجود بالنشأتين الذي جمع اللّٰه له بين الاسمين الأول و الآخر و أعطاه الحكمين في الظاهر و الباطن ليكون بكل شيء عليما خلقه من تراب الأرض أنزل موجود خلق ليس وراءها وراء كما أنه ليس وراء

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست