responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 226

المقام في حق نفسه و تعليما لنا إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فلم ير لنفسه فضلا علينا ثم ذكر المرتبة و هي قوله يُوحىٰ إِلَيَّ و لا خلاف بين العقلاء أنه من تعاظم في نفسه بشرف غيره إنه أخرق جاهل إذ لم يكن شرفه بنفسه و الأمر ليس كذلك فالعاقل الحاضر الشهيد لا يرى لنفسه شرفا يفتخر به على أمثاله

أ لا تراه ص إنه قال أنا سيد الناس يوم القيامة و لا فخر فنفى أن يقصد بذلك الفخر ثم ذكر الرتبة التي لها الفخر الذي هو ص مترجم عنها و ناطق بلسانها فذكر رتبة الشفاعة و المقام المحمود فالفخر للرتبة لا لنا فما هلك امرؤ عرف قدره و لنا بحمد اللّٰه في هذا المقام القدم الراسخة و المراتب نسب عدمية فلا فخر بالذات إلا لله وحده و إذا كان الفخر فينا للرتب و الرتب نسب عدمية فما فخرنا إلا بالعدم و ناهيك ممن فخره بالعدم

فإن كنت تعقل ما قلته فأنت المراد و أنت الإمام
و إن كنت تجهل ما قلته فأنت الجهول الذي لا يرام
فللعلم فينا حجاب السنا و للجهل فينا حجاب الظلام
فقل للجهول بأحواله ستعلم ذلك عند الحمام
إذا كشف اللّٰه عن عينه غطاء فلاحت بدور التمام

«وصل»الأمر الإلهي نافذ في المأمور

لا يتوقف لأمره مأمورة فإذا ورد الأمر الإلهي على لسان الكون ظهر في الأمثال فاعتزت النفوس أن تكون تتصرف تحت أوامر أمثالها فردت أوامر الحق إما على جهالة بأنها أوامر الحق و إما على علم بأنها أوامر الحق لكن أثرت فيها الواسطة لأن المحل برد الحال فيه إلى صورته كالماء في الأوعية إلا إن المأمور إذا كان على بينة من ربه أبصر المأمور به ليس في قدرته إيجاد عينه إلا أن يتعلق به الأمر الإلهي الذي له النفوذ فيهيئ محله لوجود المأمور به عند إيجاد الحق إياه فإذا هيأ محله أوجده الحق فيقال في المحل إنه عبد طائع لله فيما أمره به و لسان الحال و الكشف يقول ليس لك من الأمر شيء و إذا لم يهيئ محله لوجود المأمور به لم يظهر للمأمور به عين فقيل عبد عاص أمر ربه مخالف و لسان الحال و الكشف يقول له لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ و سواء كان الواسطة يأمر أو يتكلم بلسان حق أو بغير لسان حق فإن هذه مسألة قد فشت في العامة و هي مبنية على أصل فاسد فيقولون في المذكرين إذا لم يؤثروا في السامعين أنه لو خرج الكلام من القلب لوقع في القلب و إذا كان من اللسان لم يعد الآذان و يشيرون بذلك إلى المذكر لو كان صادقا فيما يدعو به الناس إلى اللّٰه لأثر و معلوم أن الأنبياء و الرسل ع صادقون في أحوالهم بل هم أصدق الدعاة إلى اللّٰه ثم إنهم يدعون على بصيرة إلى اللّٰه بصورة ما أوحى به إليهم فهم صادقون بكل وجه و مع هذا يقول نوح ع إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَ نَهٰاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعٰائِي إِلاّٰ فِرٰاراً و قال فَلَمّٰا جٰاءَهُمْ نَذِيرٌ يعني دعاء الحق على لسان الرسول ص مٰا زٰادَهُمْ إِلاّٰ نُفُوراً اِسْتِكْبٰاراً فِي الْأَرْضِ فلا تغالط نفسك و انظر فيما دعيت إليه فإن كان حقا و لو كان من شيطان فاقبله فإنك إنما تقبل الحق و لا تبال من جاء به هذا مطلب الرجال الذين يعرفون الأشياء بالحق ما يعرفون الحق بالأشياء و أصحاب هذا الوصف هم العارفون بالموازين الإلهية المعرفة التامة و هم قليلون في العالم إلى وقتي هذا ما رأيت منهم واحدا و إن كنت رأيته فما رأيته في حال تصرفه في هذا المقام و هم حكماء هذا الطريق ناطقون بالله عن اللّٰه ما أمرهم به اللّٰه

فلله من خلقه طائفة عليه قلوب لها عاكفة
و ليست لهم في الذي قد دعا من أحوالهم صفة صارفة
إذا ما دعاها بأنفاسها يراها على بابه واقفه
تبادر للأمر من كونها بمن قد دعاها له عارفة

«وصل»إذا أضيف حكم من أحكام الوجود إلى غير اللّٰه

أنكره أهل الشهود خاصة و هم الذين لا يشهدون شيئا و لا يرونه إلا رأوا اللّٰه قبله كما قال الصديق عن نفسه و أما العلماء فهم في هذا المقام على حكم الحق فيه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست