responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 202

ذكر أنه نور السموات و الأرض فله الطلوع و الغروب علينا من خلف حجاب الإنسان المثلى الذي ذكرنا أنه ظله المخلوق على صورته الأزلي الحكم الذي نفى عنه المثلية و أثبت عين وجوده في قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ بكاف الصفة فيسمى ليله باطنا و نهاره ظاهرا فهو الباطن من حيث ليله و هو الظاهر من حيث نوره و ذلك المثل الإنساني يميز طلوع هذا النور فيكون النهار و غروب هذا النور فيكون الليل و هو حكم الظاهر و الباطن في العالم و قد قررنا أنه لكل اسم في العالم حكم قبل هذا فالدهر من حيث عينه يوم واحد لا يتعدد و لا ليل له و لا نهار فإذا أخذته الأسماء الإلهية عينت بأحكامها في هذا اليوم الأزلي الأبدي الذي هو عين لدهر الأيام الإلهية التي أمر المذكر أن يذكرنا بها لنعرفها من أيام الزمان و أنه إذا أخذ الاسم النور في وجود الظل المثلى المنزه و في طلوعه على من فيه من العالم سمي العالم الذي في هذا المثل ذلك الطلوع إلى وقت غروبه عنهم نهارا و من وقت غروبه عنهم سموه ليلا و ذلك النور غير غائب عن ذلك الظل كما إن الشمس غير غائبة عن الأرض في طلوعها و غروبها و إنما تطلع و تغيب عن العالم الذي فيها و الظلام الحادث في الأرض إنما هو ظلال اتصالات ما فيها من العالم فهو على الحقيقة ظل يسمونه ظلاما و الذين يسمونه ظلاما ممن ليس له هذا الكشف يجعل ذلك ظل الأرض لما هي عليه من الكثافة و هي في المثل الظلي الإلهي ظل أعيان عمرته لا غير فاعلم ذلك

[أحكام الأيام الإلهية]

ثم جعل اللّٰه هذه الأيام المعلومة عندنا التي أحدثتها حركة الأطلس و الليل و النهار اللذين أحدثتهما حركة القلب أعني الشمس ليقدر بها أحكام الأيام الإلهية التي للأسماء فهي كالموازين لها يعرف بها مقادير تلك الأيام فقال وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ فإذا ضربت ثلاثمائة يوم و ستين يوما في ألف سنة فما خرج لك بعد الضرب من العدد فهو أيام التقدير التي ليوم الرب فينقضي ثم ينشئ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير اسم الرب و كذلك يضرب ثلاثمائة يوم و ستين يوما في خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فما خرج لك بعد الضرب من الأيام فهو أيام التقدير التي ليوم ذِي الْمَعٰارِجِ من الأسماء الإلهية فإذا انقضى ذلك اليوم أنشأ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير الذي لذي المعارج هكذا الأمر دائما فلكل اسم إلهي يوم و إنما ذكرنا هذين اليومين يوم الرب و يوم ذي المعارج لكونهما جاءا في كتاب اللّٰه فلا يقدر المؤمنون بذلك على إنكارهما و ما لم يرد إلا على ألسنتنا فلهم حكم الإنكار في ذلك بل الأمر كما ذكرناه أنه ما من اسم إلهي مما يعلم و يجهل إلا و له يوم في الدهر و تلك أيام اللّٰه و الكل على الحقيقة أيام اللّٰه وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ فإذا نزلنا من الأسماء الإلهية إلى يوم العقل الأول قسمه حكمه في النفس الكلية إلى ليل و نهار فليل هذا اليوم عند النفس أعراض العقل عنها حين يقبل على ربه بالاستفادة و نهاره عند هذه النفس حين يقبل عليها بالإفادة فهو يومها و جعل اللّٰه من هذا الحكم في النفس قوتين قوة علمية و هي ليلها في العالم الذي دونها و قوة عملية و هي النهار في العالم الذي دونها و هو المسمى غيبا و شهادة و حرفا و معنى و معقولا و محسوسا فهذا الحكم في النفس يوم لا نهار فيه و لا ليل و هو في العالم نهار و ليل و كذلك يوم الهيولى الكل ليلها جوهرها و نهارها صورتها و هي في نفسها يوم لا ليل فيه و لا نهار و شمس كل ليل و نهاره هو المعنى المظهر لهذا الحكم الذي به ينسب إلى هذا اليوم ليل و نهار فإذا نزلنا إلى فلك البروج تعين في حركته اليوم و عين ذلك الكرسي الذي تقطع فيه فتعيينه من فوق لأنه لم يكن ظهر في جوفه بعد ما تعين به حركته مستوفاة فهو يوم لا نهار له و لا ليل و لا مقدار أيام من جهة مقعره و هو متماثل الأجزاء ما هو متماثل الأحكام و لما كان الكرسي هو الذي أظهر فيه تعيين الأحكام بتعيين المقادير المسماة بروجا و جعل لكل مقدار فيها ملكا معينا تعينت المقادير بتلك الأحكام التي وليها ذلك الملك المعين فإذا دار دورة واحدة سميت من جهة الكرسي يوما و كانت الكلمة في العرش واحدة مثل حكم اليوم فلما وجد الكرسي تحت العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض انقسمت في الكرسي تلك الكلمة الواحدة التي هي يوم العرش فكانت قسمتها بالقدمين اللتين تدلتا إلى هذا الكرسي و هما قدم الرب و قدم الجبار فكانتا أعني هاتين القدمين ليوم العرش كالنهار و الليل اللذين قسما اليوم و يوم العرش أحدية كلمته لأن أمر اللّٰه واحدة

[إن اللّٰه أوجد فلك الكواكب الثابتة]

ثم إن اللّٰه أوجد فلك الكواكب الثابتة التي ميزتها مقادير البروج و لكل كوكب منها قطع في فلك البروج فإذا قطعه الكوكب كله كان يوما واحدا من أيام ذلك الكوكب مدة قطعه و هو يقطع درجة من ثلاثمائة و ستين درجة في مائة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست