responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 173

اقتصار حكمها على من جاء بها فدلت على غيره كما دلت عليه فإن اللّٰه جعلها علامة على صدق ما ادعاه كل واحد واحد ممن ادعى القرب من اللّٰه إما بالحال و إن لم ينطق بالدعوى لما يرى عليه من آثار طاعة ربه و إما بالدعوى من حيث نطقه بذلك و لا يقع ذلك إلا عن غفلة فإنهم مأمورون بستر هذه الآيات أعني الأولياء فهي منسوخة في الأولياء محكمة في الأنبياء و الرسل فقال مٰا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ يقول من علامة أَوْ نُنْسِهٰا يقول أو نتركها يعني نتركها آية للأولياء كما كانت آية للأنبياء نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهٰا من باب المفاضلة أي بأزيد منها في الدلالة و هي آيات الإعجاز فلا تكون إلا لأصحابها أو لمن قام فيها بالنيابة على صدق أصحابها فلا يكون لولي قط هذه العلامة من حيث صحة مرتبته و أما قوله أَوْ مِثْلِهٰا الضمير يرجع إلى الآية المنسوخة فلم يكن لها صفة الإعجاز بل هي مثل الأولى و لا يصح حمل هذه الآية على أنها آي القرآن التي نزلت في الأحكام فنسخ بآية ما كان أثبت حكمه في آية قبلها فإن اللّٰه ما قال في آخر هذه الآية لم تعلم أن اللّٰه عليم خبير و لا حكيم و مثل هذه الأسماء هي التي تليق بنظم القرآن الوارد بآيات الأحكام و إنما قال اللّٰه تعالى أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فأراد الآيات التي ظهرت على أيدي الأنبياء ع لصدق دعواهم في أنهم رسل اللّٰه فمنها ما تركها آية إلى يوم القيامة كالقرآن و منها ما رفعها و لم تظهر إلى يوم القيامة فلما جمع اللّٰه بهذه الرحمة المركبة القرآن في الكتب لا في الصدور فإنه في الصدور قرآن و في اللسان كلام و في المصاحف كتاب وضع ذلك الاسم المفصل عن أمر المدبر فإنه متقدم عليه بالرتبة فلهذا له الحكم في التفصيل بالقوة و للمفصل بالفعل و منزل الرحمة رحب واسع المجال فيه و كيف لا يتسع و قد وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و هذا القدر كاف فيما يقع به المنفعة للسامعين من الناس فذكرنا حكمها في الدارين و ما يعود منها علينا و هو الغرض المقصود و في هذا المنزل معرفة منازل الرحمة المركبة و إلى كم تنتهي منازلها و المنزل الذي أكدت فيه و المنزل الذي لم تؤكد فيه و على كم من درج وقع التوكيد فيها و فيه علم ما لا يعلم إلا من طريق الخبر الإلهي و علم الإبانة عن مقام الجمع كالصلاة الجامعة بين اللّٰه و العبد في قراءة فاتحة الكتاب و من هنا يؤخذ الدليل بفرضيتها على المصلي في الصلاة فمن لم يقرأها في الصلاة فما صلى الصلاة التي قسمها اللّٰه بينه و بين عبده فإنه ما قال قسمت الفاتحة و إنما قال قسمت الصلاة بالألف و اللام اللتين للعهد و التعريف فلما فسر الصلاة المعهودة بالتقسيم جعل محل القسمة قراءة الفاتحة و هذا أقوى دليل يوجد في فرض قراءة الحمد في الصلاة و فيه علم تأثير الرحمة المركبة في العالم المحمدي خاصة و فيه علم تنزيل المعاني منزلة الأشخاص و فيه علم التراجم و فيه علم الطائفة التي سمعت و قيل فيها إنها لم تسمع مع وجود الفهم فيما سمعت فما الذي نفى عنها و ما الذي أبقى لها و فيه علم الحجب الكونية المظلمة و الظلمانية و من هو أهل كل حجاب و عمن حجب من حجب هل حجب عن سعادته أو عن مشاهدة ربه أو عن مشاهدة مقام رسوله و فيه علم اجتراء الكون على اللّٰه و فيه علم اللطف الإلهي بالمعاندين الرادين لأوامره المنازعين لناصريه و فيه علم ما شيب رسول اللّٰه ص الذي ذكره في سورة هود و أخواتها و فيه علم طلب السر الإلهي و فيه علم الإحاطة بما لا يتناهى و فيه علم الجزاء الذي هو على غير الوفاق الزماني فإن مدد الأعمال التي تطلب الأجور متناهية و الأجر عليها غير متناه فما هو الجزاء الوفاق من غير الوفاق و فيه علم الإنكار و الإقرار و التقرير و التوبيخ و ما صفته و أين محله و فيه علم الخلق الجسمي و الجسماني و مراتب الخلق و كم له من المقدار الزماني و فيه علم المراتب المضاف إليها الرب و فيه علم القصد الإلهي و فيه علم موضع الأجوبة التي تكون بحكم المطابقة عند سؤال السائل و فيه علم مرتبة العاقل و شرفه على العالم إذا كان عالما فإن العاقل إذا رأى ما لا بد له منه بادر إليه و غير العاقل لا يفعل ذلك و فيه علم من خلق لأمر واحد و من خلق لأمرين فصاعدا و من وفى بما خلق له و من لم يوف بما خلق له و فيه علم سعادة من استكبر بحق ممن استكبر بنفسه كإبليس و من شاء اللّٰه و فيه علم تقرير المناسبة بينه و بين خلقه و أين هذا التقرير من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و مثل ما

جاء في الخبر لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل في أرض فلاة الحديث و قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّٰهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً و فيه علم المفاضلة و أصنافها و محلها و فيه علم الاختيار الكوني و أنه مجبور في اختياره و هل له مستند إلهي في جبره في اختياره أم لا و قوله فيسبق عليه الكتاب و قوله تعالى مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ و قوله لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ هل معناه إنما التبديل لله

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست