responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 167

المغفرة إلا بالذنب حيث علقها و قال عن صنف آخر من الملائكة إنهم يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ فأنزل هؤلاء المغفرة موضعها ما قالوا مثل ما قال ذلك الصنف الآخر الذي حكى اللّٰه عنهم إنهم يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فتنوعت مشاربهم كما قالوا وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ و الولي الكامل يدعو اللّٰه بكل مقام و لسان و الرسل تقف عند ما أوحى به إليها و هم كثيرون و قد يوحى إلى بعضهم ما لا يوحى إلى غيره و المحمدي يجمع بمرتبته جميع ما تفرق في الرسل من الدعاء به فهو مطلق الدعاء بكل لسان لأنه مأمور بالإيمان بالرسل و بما أنزل إليهم فما وقف الولي المحمدي مع وحي خاص إلا في الحكم بالحلال و الحرمة و أما في الدعاء و ما سكت عنه و لم ينزل فيه شيء في شرع محمد ص يؤذن بتركه فلا يتركه إذا نزل به وحي على نبي من الأنبياء ع رسولا كان أو غير رسول

[اختلاف أمتي رحمة]

ثم اعلم أنه من رحمة اللّٰه بعباده أن جعل حكم ما اختلفوا فيه إلى اللّٰه فنأخذ هذا من جهة علم الرسوم أن ننظر ما اختلفوا فيه و تنازعوا فإن كان لله و لرسوله حكم فيه يعضد قول أحد المخالفين جعلنا الحق بيده فإنا أمرنا أن تنازعنا في شيء أن نرده إلى اللّٰه و رسوله إن كنا مؤمنين فإن كنا عالمين ممن يدعو على بصيرة و على بينة من ربنا فنحكم في المسألة بالعلم و هو رد إلى اللّٰه تعالى من غير طريق الايمان و ليس لنا العدول عنه البتة هذا حد علم الرسم و أما علم الحقيقة فإن المختلفين حكمهم إلى اللّٰه أي حكم ظهور الاختلاف فيهم إلى اللّٰه من حيث إن الأسماء الإلهية هي سبب الاختلاف و لا سيما أسماء التقابل يؤيد ذلك قوله في مثل هذا ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبِّي لأنه ليس غير أسمائه فإنه القائل قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ و لم يقل بالله و لا بالرحمن فجعل الاسم عين المسمى هنا كما جعله في موضع آخر غير المسمى فلما قال ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبِّي و الإشارة بذا إلى اللّٰه المذكور في قوله فَحُكْمُهُ إِلَى اللّٰهِ فلو لم يكن هنا الاسم عين المسمى في قوله اللّٰه لم يصح قوله ربي و الخلاف ظهر في الأسماء الإلهية فظهر حكم اللّٰه في العالم به فيحكم على الخلاف الواقع في العالم بأنه عين حكم اللّٰه ظهر في صورة المخالفين

«وصل»في الأجور

و هي الحقوق التي تطلبها الأعمال مخصوصة و هي حكم سار في القديم و المحدث فكل من عمل عملا لغيره استحق عليه أجرا و الأجور على قسمين معنوية و حسية فإذا استأجر أحد أحدا على عمل ما من الأعمال فعمله فقد استوجب به العامل حقا على المعمول له و هو المسمى أجرا و وجب على المعمول له أداء ذلك الحق و إيصاله إليه و المؤجر مخير في استعمال الأجير في الظاهر مضطر في الباطن و الأجير مخير في قبول الاستعمال في بعض الأعمال مقهور في بعض الأعمال و حكم الخيار ما زال عنه لأن له أن لا يقبل إن شاء و أن يقبل إن شاء فهو مخير في الظاهر مضطر في الباطن كالمؤجر له سواء فأول أجير ظهر في الوجود عن افتقار الممكن إلى الإيجاد و هو عمل الوجود في الممكن حتى يظهر عينه من واجب الوجود هو واجب الوجود فقال الممكن للواجب في حال عدمه أريد أن أستعملك في ظهور عيني فالإيجاد هو العمل و الوجود هو المعمول و الموجود هو الذي ظهر فيه صورة العمل فكل معمول معدوم قبل عمله فقال له الحق فلي عليك حق إن أنا فعلت لك ذلك و أظهرتك و هذا الحق هو المسمى أجرا و الذي طلب المؤجر من المؤجر يسمى إجارة و المؤجر مخير في نفسه ابتداء في تعيين الأجر فإن شاء عين له ما يعطيه على ذلك العمل و إن شاء جعل التعيين للمؤجر و المؤجر مخير في قبول ما عينه المؤجر إن كان عين له شيئا أورده و إن تبرع المؤجر بالعمل من نفسه و قال لا آخذ على ذلك أجرا فله ذلك و لكن لا يزول حكم القيمة من ذلك العمل لأن العمل بذاته هو الذي يعين الأجر بقيمته فإن شاء العامل أخذه و إن شاء تركه و لا يسقط حكم العمل إن أجره كذا و هذه مسألة عجيبة تدور بين اختيار و اضطرار في المؤجر و المؤجر و كل واحد مجبور في اختياره غير إن الحق لا يوصف بالجبر و الممكن يوصف بالجبر مع علمنا أنه ما يبدل القول لديه : و لا يخرج عن عمل ما سبق في علمه إن يعمله و عن ترك ما سبق في علمه إن يتركه و ليس الجبر سوى هذا غير أن هنا عين الذي يجبره هو عين المجبور إذ ما جبره إلا علمه و علمه صفته و صفته ذاته و الجبر في الممكن أن يجبره غيره لا عينه و لو رام خلاف ما جبر عليه لم يستطع فهو مجبور عن قهر مخير بالنظر إلى ذاته و في الأول جبر بالنظر إلى ذاته مخير بالنظر إلى العمل من حيث المعمول له فاتفق الممكن مع الواجب الوجود أنه إن عمل فيه الإيجاد و ظهرت عينه إنه يستحق عليه أي على الممكن في ذلك أن يعبده و لا يشرك به شيئا و أن يشكره على ما فعل معه من إعطائه الوجود بالثناء عليه بالتسبيح بحمده فقيل الممكن ذلك فأوجده الحق سبحانه فلما

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست