responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 597

(وصل في فضل الحبوب و التمر)

فقد عرفت أيضا ما تجب الزكاة فيه من ذلك بالاتفاق

(الاعتبار في ذلك)

النفس النباتية و هي التي تنمي بالغذاء فزكاتها في الإنسان بالصوم و لكن له شرط في طريق اللّٰه و هو أن الصائم إنما يمسك عن الأكل بالنهار فليأخذ ما كان يستحق أن يأكل بالنهار و يتصدق به ليخرج بذلك من البخل فإذا لم يفعل ذلك عندنا و استوفى في عشائه ما فاته بالنهار فما أمسك و بهذا ينفصل صوم خواص أهل اللّٰه عن صوم العامة و ما تسحر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إلا رحمة بالعامة حتى يجدوا ما يتأسوا به فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول من كان مواصلا فليواصل حتى السحر مع أنه رغب في تعجيل الفطر و تأخير السحور قال تعالى وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ و هذا الاعتبار فيما يزكى من الحبوب و بالله التوفيق

(وصل) [زكاة التمر]

و أما التمر فهو أيضا كما قلنا الزكاة فيه بالاتفاق و قد تقدم ذلك

(و أما اعتبار
التمر في الزكاة)

فاعلم أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم جعل النخلة عمة لنا و شبهها بالمؤمن حين سأل الناس عنها و وقع الناس في شجر البوادي و وقع عند عبد اللّٰه بن عمر أنها النخلة أصاب ما أراده رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و بهذا الحديث يحتج على إباحة الحزورات التي تستعملها الناس

[زكاة المؤمن من نسبة الإيمان]

فكما إن التمر تجب فيه الزكاة شرعا كذلك المؤمن لما شارك الحق في هذا الاسم تعين للحق فيه حق كما تعين في جميع الأسماء الحسنى يسمى ذلك الحق زكاة فيزكي المؤمن هذه النسبة إليه بالصدق في جميع أقواله و أفعاله و أحواله و إعطاء الأمان منه لكل خائف من جهته فإذا صدق في ذلك كله صدقه اللّٰه تعالى لأنه لا يصدق سبحانه إلا الصادق و لا يصدقه تعالى إلا من اسمه المؤمن لا غير فصدق العبد رد لاسم اللّٰه المؤمن عليه كرد صورة الناظر في المرآة على الناظر ليصدقه سبحانه فيما صدق فيه هذا العبد فهذا زكاته من نسبة الايمان إليه فأعطى حق اللّٰه من إيمانه بما صدق فيه من أقواله و أفعاله و أحواله

[ما يزكى من الأموال المتفق عليها و المختلف فيها]

و تمت أصناف ما يزكى من الأموال المتفق عليها و يلحق بها ما اختلف فيه فإنه لا يخلو أن يكون ما اختلف فيه نباتا أو حيوانا أو معدنا و قد بينا ذلك في المتفق عليه فليحكم في المختلف فيه بذلك الحكم و ليعتبر فيه ما يليق بذلك الصنف حتى لا يطول الكلام و مذهبنا في هذا الكتاب الاقتصار و الاختصار جهد الطاقة فإن الكتاب كبير يحتوي على ما لا بد منه في طريق اللّٰه من الأمهات و الأصول فإن الأبناء و الفروع تكاد لا تنحصر بل لا تنحصر وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(وصل في فصل الخرص)

الاتفاق على إجازة الخرص فيما يخرص من النخيل و غير ذلك و هو تقدير النصاب في ذلك حتى يقوم مقام الكيل

(الاعتبار في ذلك)

هو موضع خطر يحتاج إلى معرفة و تحقيق في المقادير و بصيرة حادة قال تعالى قُتِلَ الْخَرّٰاصُونَ و هذه إشارة تلحق بالتفسير و إن لم نرد بها التفسير و لكن لتقارب المعنى و المكيل و الموزون بمنزلة العلم و الخرص بمنزلة غلبة الظن و الأصل العلم

[إذا تعذر العلم حكمنا بغلبة الظن]

ثم إنه إذا تعذر العلم حكمنا بغلبة الظن و ذلك لا يكون إلا في الأحكام الشرعية أعني في فروع الأحكام فإن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة الشاهد و هو ليس قاطعا فيما شهد به من ذلك و الأصل في الحكم المشروع غلبة الظن حتى في السعادة عند اللّٰه

فإن اللّٰه يقول أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فحسن الظن بالله إذا غلب على العبد أنتج له السعادة كما إن سوء الظن بالله يرديه وَ ذٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدٰاكُمْ

[الحكم بالعلم و الحكم بغلبة الظن]

فما اختلف العلماء في حكم الحاكم بين الخصمين بغلبة الظن و اختلفوا في حكمه بعلمه فكانت غلبة الظن في هذا النوع أصلا متفقا عليه يرجع إليه و كان العلم في ذلك مختلف فيه و الحق تعالى و إن لم يكن عنده إلا العلم فإنه يحكم بالشهود و لهذا جاء قٰالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ أي بما شرعت لي و أرسلتني به

[معرفة اللّٰه بطريق العقل و بطريق الشرع]

و في هذا الطريق معرفة اللّٰه بالعقل بطريق الخرص و لهذا تقبل الشبهة القادحة في الأدلة و معرفة اللّٰه من طريق الشرع المتواتر مقطوع بها لا تقدح فيها شبهة عند المؤمن أصلا و إن جهلت النسبة فالعلم بالله من جهة الشرع و هو تعريف الحق عباده بما هو عليه فإنه أعلم بنفسه من عباده به

[العلم بالله من اللّٰه]

فإن العلم به منه أن يعلم أنه جامع بين التنزيه و التشبيه و هذا في الأدلة النظرية غير سائغ أعني الجمع بين الضدين في المحكوم عليه ليس ذلك إلا هنا خاصة فلا يحكم عليه خلقه و العقل و نظره و فكره من خلقه فكلامه في موجدة بأنه ليس كذا أو هو كذا خرص بلا شك

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 597
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست