responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 535

الصنف من العذاب هو حكمه في النار و كذلك من شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا أي هذا النوع من العذاب يعذب به هذا الكافر و

قد ورد من قتل نفسه بشيء عذب به

[الأدلة الشرعية تؤخذ من جهات متعددة]

و أما المؤمن فحاشى الايمان بتوحيد اللّٰه أن يقاومه شيء فتعين إن ذلك النص في المشرك و إن لم يخص الشارع في هذا الخبر صنفا بعينه فإن الأدلة الشرعية تؤخذ من جهات متعددة و يضم بعضها إلى بعض ليقوي بعضها بعضا لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا كذلك الايمان بكذا يشد للإيمان بكذا فيقوي بعضه بعضا

فإن أهل الجنة إنما يرون ربهم رؤية نعيم بعد دخولهم الجنة كما ورد في الخبر في الزيارة إذا أخذ الناس أماكنهم في الجنة فيدعون إلى الرؤية

[القاتل نفسه يرى أن اللّٰه أرحم به مما هو فيه]

فيمكن إن اللّٰه قد خص هذا الذي بادره بنفسه فقتل نفسه أن يكون قوله حرمت عليه الجنة قبل لقائي فيتقدم للقاتل نفسه لقاء اللّٰه رؤية نعيم و حينئذ يدخل الجنة فإن القاتل نفسه يرى أن اللّٰه أرحم به مما هو فيه من الحال الموجبة له إلى هذه المبادرة فلو لا ما توهم الراحة عند اللّٰه من العذاب الذي هو فيه لما بادر إليه

و اللّٰه يقول أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا و القاتل نفسه إذا كان مؤمنا فظنه بربه حسن فظنه بربه الحسن هو الذي جعله أن يقتل نفسه و هذا هو الأليق أن يحمل عليه لفظ هذا الخبر الإلهي إذ لا نص بالتصريح على خلاف هذا التأويل و إن ظهر فيه بعد فلبعد الناظر في نظره من الأصول المقررة التي تناقض هذا التأويل بالشقاء المؤبد فإذا استحضرها و وزن عرف ما قلناه و في الأخبار الصحاح أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى من مثقال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ من إيمان فلم يبق إلا ما ذكرناه و لم يقل اللّٰه في هذا الخبر إلا أنه حرم عليه الجنة خاصة

[اللّٰه أكرم من أن ينسب إليه إنفاذ الوعيد]

فإن قلنا و لا بد بالعقوبة فتكون الجنة محرمة عليه أن يدخلها دون عقاب مثل أهل الكبائر فيكون نصا في القاتل نفسه و غيره من أهل الكبائر في حكم المشيئة فإن صاحب السجلات لا يدخل النار مع أنه من أهل الكبائر إذ ليس معه سوى قول لا إله إلا اللّٰه في طول إسلامه مدة حياته في الدنيا فغايته أن يتحقق إنفاذ الوعيد في القاتل نفسه قبل دخول الجنة و إنه لا يغفر له و اللّٰه أكرم أن ينسب إليه نفاذا لوعيد بل ينسب إليه المشيئة و ترجيح الكرم كما وصف بعض الأعراب مع كونه من أهل الأغراض نفسه

و إني إذا أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادى و منجز موعدي
و لذا ما ورد في الشرع نص في الإيعاد و ورد في الوعد فَلاٰ تَحْسَبَنَّ اللّٰهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ فالإيعاد في الشر خاصة و الوعد يكون في الخير و الشر معا

(وصل في فصل حكم الشهيد المقتول في المعركة)

فمن قائل لا يصلى عليه و لا يغسل و من قائل يصلى عليه و لا يغسل

(الاعتبار)

الحياة المنسوبة إلى الشهيد في المعركة من رأى أن اللّٰه أخذ بأبصارنا عن إدراك حياة الشهيد و أنه لحي يرزق كحياة زيد و عمر و في نفس الأمر و هذا ليس ببعيد فإن الحي بهذه المثابة لا يصلى عليه

[الدعاء إنما هو للحى و للميت]

و من رأى أن الصلاة إنما هي الدعاء له بكونه انقطع عمله في الدنيا و إن كان حيا عند ربه لكنه غير عامل قال يصلى عليه أي يدعى له مثل ما يدعى للميت لانقطاعه عن العمل المقرب له إلى الدرجات التي لا تحصل إلا بالعمل من العامل نفسه أو ممن ينوب عنه في عمله كمن يصوم عن وليه إذا مات أو يحج عنه إذا مات أو لم يستطع فتقوم الصلاة على الشهيد من المصلي مقام العمل منه لو كان في حال لم ينقطع العمل منه

(وصل في فصل حكم الصلاة على الطفل)

فمن قائل لا يصلى عليه حتى يستهل صارخا و من قائل يصلى عليه إذا كمل أربعة أشهر لوجود الروح عند هذه المدة

(الاعتبار)

أمرنا اللّٰه بالصلاة على الميت في السنة و لم يقل الميت عن حياة متقدمة فنحن إذا رأينا صورة الجنين و لو كان أصغر من البعوضة بحيث تكون أعضاؤه مصورة حتى يعلم أنه إنسان و إن كان قبل نفخ الروح فيه فإنه ينطلق بالشرع على تلك الصورة أنها ميتة قال تعالى وَ كُنْتُمْ أَمْوٰاتاً فَأَحْيٰاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فأطلق علينا اسم الموت قبل نفخ الروح

[لا مانع من الصلاة على الجنين]

فالمصلي على الجنين إذا خرج عينه بالطرح و شاهدناه صورة و إن لم ينفخ فيه روح للصورة الظاهرة و تحقق اسم الموت فلا مانع للصلاة عليه بوجه من الوجوه و لم يقل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إنه لا يصلى على ميت

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 535
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست