responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 446

إنما هم نوابه و خلفاؤه و لهذا وصفهم بصفاته بل جعل عينه عين صفاتهم فهو الإمام لا هم

[أصحاب الأمر على الحقيقة]

قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اللّٰهَ و قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ و قال أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أي أصحاب الأمر و أصحاب الأمر على الحقيقة هم الذين لا يقف لأمرهم شيء لأنهم بالله يأمرون كما به يسمعون كما به يبصرون فإذا قالوا الشيء كن فإنه يكون لأنهم به يتكلمون فهذا معنى و أولي الأمر منكم في الاعتبار و لهذا كانت طاعة السلطان واجبة فإن السلطان بمنزلة أمر اللّٰه المشروع من أطاعه نجا و من عصاه هلك

(فصل بل وصل في إمامة الصبي غير البالغ)

[أقوال الفقهاء في إمامة الصبي إذا كان قارئا]

إذا كان قارئا اختلفوا في إمامة الصبي غير البالغ إذا كان قارئا فأجاز ذلك قوم مطلقا و منع من ذلك قوم مطلقا و أجازه قوم في النفل دون الفريضة

اعتبار الأمر في ذلك

يقال صبا فلان إلى كذا إذا مال إليه لما كان الصبي يميل إلى حكم الطبيعة و نيل أغراضه سمي صبيا أي مائلا إلى شهواته و هو غير البالغ حد العقل الذي يوجب التكليف و كانت الطبيعة في الرتبة دون العقل فلم يصح لها التقدم و لا لمن مال إليها و إن كان مائلا إليها بحق فإن لها مقام التأخر فلا بد أن يتأخر و المتأخر لا يكون إماما مقدما فإنه نقيض حكم ما هو فيه فمن راعى هذا الاعتبار لم يجز إمامة الصبي و إن كان قارئا و من راعى كونه حاملا للقرآن جعل الإمامة للقرآن لا للصبي و كانت إمامة الصبي في حكم التبعية لأجل القرآن فأجاز إمامة الصبي قال تعالى وَ آتَيْنٰاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا يعني حكم الإمامة و قالوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كٰانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قٰالَ إِنِّي عَبْدُ اللّٰهِ آتٰانِيَ الْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا و هو مقام الإمامة مع تسميته صبيا و من جعل عبودية الصبي عبودية اختيار لسقوط التكليف عنه و رأى أن النافلة عبادة اختيار أجاز صلاة الصبي إماما في النفل دون الفرض للمناسبة في الاختيار

(فصل بل وصل في إمامة الفاسق)

[حكم إمامة الفاسق من الوجهة الشرعية]

فردها قوم بإطلاق و أجازها قوم بإطلاق و فرق قوم بين الفاسق المقطوع بفسقه و بين المظنون فسقه فلم يجيزوا الإمامة للمقطوع بفسقه و أن المصلي وراءه يعيد و استحبوا الإعادة لمن صلى خلف المظنون فسقه في الوقت و فرقوا أيضا بين من يكون فسقه بتأويل و بين من يكون بغير تأويل فأجازوا الصلاة خلف المتأول و لم يجيزوها لغير المتأول و بالإجازة على الإطلاق أقول فإن المؤمن ليس بفاسق أصلا إذ لا يقاوم الايمان شيء مع وجوده في محل العاصي

(الاعتبار في ذلك) [اعتبار إمامة الفاسق من الوجهة الباطنية]

الفاسق من خرج عن أصله الحقيقي و هو كونه عبدا لأنه لهذا خلق فإنه لا بد أن يكون عبدا لله أو عبدا لهواه فما برح من الرق فلم يبق خروجه إلا عن الإضافة التي أمر أن ينضاف إليها فتجوز إمامته لأن الموفق من عباد اللّٰه يأتم بهذا الفاسق فإنه يراه قائما بعبوديته في حق هواه الذي فيه شقاؤه فيتعلم منه استيفاء حق العبودية التي أمره اللّٰه أن يكون بها عبدا له فيقول أنا أولى بهذه الصفة في حق اللّٰه من هذا العبد في حق هواه فلما رأينا أولياء اللّٰه يأتمون به و ينفعهم ذلك عند اللّٰه و يكون هذا الاقتداء سببا في نجاتهم صحت إمامته و قد صلى عبد اللّٰه بن عمر خلف الحجاج و كان من الفساق بلا خلاف المتأولين بخلاف فكل من آمن بالله و قال بتوحيد لله في ألوهته فالله أجل أن يسمى هذا فاسقا حقيقة مطلقا و إن سمي لغة لخروجه عن أمر معين و إن قل و المعاصي لا تؤثر في الإمامة ما دام لا يسمى كافرا و أما الفسق المظنون فبعيد من المؤمن إساءة الظن بحيث أن يعتقد فسوق زيد بالظن لا يقع في ذلك مؤمن مرضي الايمان عند اللّٰه و هذا كله في الأحوال الظاهرة و أما الباطنة فذلك إلى اللّٰه أو من أعلمه اللّٰه ثم يرتقي العارف بالنظر في الفسوق مما يذمه الشرع إلى ما تعطيه اللغة و لكن في الاعتبار لا في الحكم الظاهر و هو إذا خرج الإنسان عن إنسانيته بخروجه عن حكم طبيعته عليه إلى عالم تقديسه من الأرواح العلا فهل تصح له إمامة هنالك أم لا فمن أصحابنا من قال تصح إمامته بالعالم الأعلى على الإطلاق و هو مذهبنا و من أصحابنا من قال لا يؤم إذا خرج عن حكم طبيعته إلا بالأرواح المفارقة للأجسام الطبيعية من الجن و الإنس و سبب اختلافهم أن كل صاحب كشف أخبر عما رأى في كشفه في ذلك الوقت و المكاشف قد يطلع وقتا على الأمر من جميع جهاته و قد يطلع على بعض وجوهه و يستر اللّٰه عنه ما شاء من وجوه ذلك الأمر فيحكم المكاشف على الكل فيكون صحيح الكشف مخطئا في تعميم الحكم ثم يرى أنه من حيث روحه من جملة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 446
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست