responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 399

يقول بتسبيح الحال فقد أكذب اللّٰه في قوله تعالى لاٰ تَفْقَهُونَ

[تعظيم شعائر اللّٰه و تعظيم حرمات اللّٰه]

و أما قوله تعالى وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُمٰاتِ اللّٰهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ يعني خير إله ممن يعظم شعائر اللّٰه إذا جعلنا خير بمعنى أفعل من ليميز بين تعظيم الشعائر و تعظيم حرمات اللّٰه فإن حرمة اللّٰه ذاتية فهو يقتضي التعظيم لذاته بخلاف الأسباب المعظمة فإن الناظر في الدليل ما هو الدليل له مطلوب لذاته فينتقل عنه و يفارقه إلى مدلوله فلهذا العالم دليل على اللّٰه لأنا نعبر منه إليه تعالى و لا نبغي أن نتخذ الحق دليلا على العالم فكنا نجوز منه إلى العالم و هذا لا يصح فما أعلى كلام النبوة حيث

قال من عرف نفسه عرف ربه و قال تعالى أَ فَلاٰ يَنْظُرُونَ إِلَى كذا و عدد المخلوقات لتتخذ أدلة عليه لا ليوقف معها فهذا الفرق بين حرمات اللّٰه و شعائر اللّٰه

[اللّٰه هو الكبير على الإطلاق غير مفاضلة و لا تقييد]

فنقول ثاني مرة اللّٰه أكبر تعظيما لحرمة اللّٰه لا بمعنى المفاضلة و ذلك معروف في اللسان فمعناه اللّٰه الكبير لا أفعل من فهو الكبير واضع الأسباب و أمرنا بتعظيمها و من لا عظمة له ذاتية لنفسه فعظمته عرض في حكم الزوال فالكبير على الإطلاق من غير تقييد و لا مفاضلة هو اللّٰه فهذه التكبيرة الثانية المشروعة في الأذان و أنها لهاتين الصورتين فإن ربع التكبير فيكون تثنية التكبيرة الواحدة على الحد الذي ذكرناه حسا و عقلا أي كما كبره اللسان بلفظ المفاضلة كذلك كبيرة عقلا كأنه يقول اللّٰه أكبر باللسان كما هو أكبر بالعقل أي هو أكبر بدليل الحسر و دليل العقل ثم يثني التكبيرة الأخرى أيضا حسا و عقلا فيقول اللّٰه أكبر أي هو الكبير لا بطريق المفاضلة حسا اللّٰه أكبر أي هو الكبير لا بطريق المفاضلة عقلا حرمة و شرعا فهذا مشهد من ربع التكبير في الأذان الذي هو الإعلام بالإعلان

[الشهادة بالألوهية أن تعى ما ينبغي لجلال اللّٰه فتضيف الكل إليه]

ثم قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه خفيا يسمع نفسه و هو بمنزلة من يتصور الدليل أولا في نفسه ثم بعد ذلك يتلفظ به و ينطق معلنا في مقابلة خصمه أو ليعلم غيره مساق ذلك الدليل و ذلك أن يشهد هذا المؤذن في هذه الشهادة أنه يرى الأسباب المحجوبة عن المعرفة بالله التي أعطيت قوة النطق و حجبت عن إدراك الأمر في نفسه بالجهل أو عن إدراك ما ينبغي لجلال اللّٰه من إضافة الكل إليه بحجاب الغفلة فيقول الجاهل أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىٰ أو المستخف و هو ضرب من الجهل أو يقول مٰا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرِي و قد يمكن أن يكون كاذبا عند نفسه عالما بأنه كاذب لكنه فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطٰاعُوهُ و يقول أنا أنعمت على فلان أنا وليت فلانا أنا علمت فلانا لعلم الذي عنده و القرآن و لو لا أنا ما علم شيئا مما علمه و سمع اللّٰه يقول أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاٰ يَخْلُقُ أَ فَلاٰ تَذَكَّرُونَ و قال يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ و هي الأسباب التي وجدتم عندها ثم قال لمن يرى إنا وجدنا بالأسباب لا عندها فَلاٰ تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدٰاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه أوجد الأسباب و أوجدكم عندها لا بها فيقول عند ذلك أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أي لا خالق إلا اللّٰه فينفي ألوهية كل من ادعاها لنفسه من دون اللّٰه و أثبتها لمستحقها لو ادعاها مع اللّٰه كالمشرك فشهد بذلك لله عقلا و شرعا و حسا و معنى هذا كله مع نفسه كمتصور الدليل أولا ثم يرفع بها صوته ليسمع غيره من متعلم و مدع و جاهل و غافل عن قوله تعالى اَلرَّحْمٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ و أمثاله مثل خَلَقَ الْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ فقطع حكم لأسباب فهذا معنى الشهادة و تثنيتها و تربيعها

[الشهادة بالرسالة المحمدية شهادة بالتوحيد عن طريق القربة]

و كذلك قوله أشهد أن محمدا رسول اللّٰه و هو أنه لما تشهد بالتوحيد بما أعطاه الدليل شهد به علما لا على طريق القربة لأن الإنسان من حيث عقله لا يعلم أن التلفظ بذلك و أن النظر في معرفة ذلك يقرب من اللّٰه و إنما حظه أن يعلم أن نفسه تشرف بصفة العلم على من يجهل ذلك و أن التصريح به و بكل دليل على مثل هذا العلم على جهة تعليم من لا يعلم و إرداع المعاند تشريفا لهذا النفس على نفس من ليس له ذلك لأنه لا حكم للعقل في اتخاذ شيء قربة إلى اللّٰه فجاء الرسول من عند اللّٰه فأخبره أن يقول ذلك و أن ينظر في ذلك أن يخفيه في نفسه و يسره و في التعليم و الإرداع للغير إذا أعلن به أن يكون ذلك على طريق القربة إلى اللّٰه فيكون مع كونه علما عبادة فيقول العالم المؤمن إذا أذن أو قال مثل ما يقول المؤذن أشهد أن محمدا رسول اللّٰه علما و عبادة و يقولها العامي تقليدا و تعبدا و التثنية في هذه الشهادة الرسالية و التربيع و الحكم فيها على حكم شهادة التوحيد سواء في المراتب التي ذكرناها سواء فإن ثلث كأذان البصريين الأربع الكلمات على نسق واحد في كل مرة فهو أن يقولها في المرة الأولى علما و في المرة الثانية تعليما لأنه معلن و في المرة الثالثة عبادة فهي كلها علم و تعليم و عبادة فافهم و ما خالف البصريون الكوفيين و الحجازيين و المدنيين

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست