responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 37

أن يريد ما لا يعلم أو يفعل المختار المتمكن من ترك ذلك الفعل ما لا يريد كما يستحيل أن توجد نسب هذه الحقائق في غير حي كما يستحيل أن تقوم الصفات بغير ذات موصوفة بها فما في الوجود طاعة و لا عصيان و لا ربح و لا خسران و لا عبد و لا حر و لا برد و لا حر و لا حياة و لا موت و لا حصول و لا فوت و لا نهار و لا ليل و لا اعتدال و لا ميل و لا بر و لا بحر و لا شفع و لا وتر و لا جوهر و لا عرض و لا صحة و لا مرض و لا فرح و لا ترح و لا روح و لا شبح و لا ظلام و لا ضياء و لا أرض و لا سماء و لا تركيب و لا تحليل و لا كثير و لا قليل و لا غداة و لا أصيل و لا بياض و لا سواد و لا رقاد و لا سهاد و لا ظاهر و لا باطن و لا متحرك و لا ساكن و لا يابس و لا رطب و لا قشر و لا لب و لا شيء من هذه النسب المتضادات منها و المختلفات و المتماثلات إلا و هو مراد للحق تعالى و كيف لا يكون مرادا له و هو أوجده فكيف يوجد المختار ما لا يريد لا راد لأمره و لاٰ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يؤتي الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء : و يُضِلُّ مَنْ يَشٰاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ ما شاء كان و ما لم يشأ أن يكون لم يكن لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرد اللّٰه تعالى أن يريدوه ما أرادوه أو يفعلوا شيئا لم يرد اللّٰه تعالى إيجاده و أرادوه عند ما أراد منهم أن يريدوه ما فعلوه و لا استطاعوا على ذلك و لا أقدرهم عليه فالكفر و الايمان و الطاعة و العصيان من مشيئته و حكمه و إرادته و لم يزل سبحانه موصوفا بهذه الإرادة أزلا و العالم معدوم غير موجود و إن كان ثابتا في العلم في عينه ثم أوجد العالم من غير تفكر و لا تدبر عن جهل أو عدم علم فيعطيه التفكر و التدبر علم ما جهل جل و علا عن ذلك بل أوجده عن العلم السابق و تعيين الإرادة المنزهة الأزلية القاضية على العالم بما أوجدته عليه من زمان و مكان و أكوان و ألوان فلا مريد في الوجود على الحقيقة سواه إذ هو القائل سبحانه وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ و أنه سبحانه كما علم فاحكم و أراد فخصص و قدر فأوجد كذلك سمع و رأى ما تحرك أو سكن أو نطق في الورى من العالم الأسفل و الأعلى لا يحجب سمعه البعد فهو القريب و لا يحجب بصره القرب فهو البعيد يسمع كلام النفس في النفس و صوت المماسة الخفية عند اللمس و يرى السواد في الظلماء و الماء في الماء لا يحجبه الامتزاج و لا الظلمات و لا النور و هو السميع البصير تكلم سبحانه لا عن صمت متقدم و لا سكوت متوهم بكلام قديم أزلي كسائر صفاته من علمه و إرادته و قدرته كلم به موسى ع سماه التنزيل و الزبور و التوراة و الإنجيل من غير حروف و لا أصوات و لا نغم و لا لغات بل هو خالق الأصوات و الحروف و اللغات فكلامه سبحانه من غير لهاة و لا لسان كما إن سمعه من غير أصمخة و لا آذان كما إن بصره من غير حدقة و لا أجفان كما إن إرادته في غير قلب و لا جنان كما إن علمه من غير اضطرار و لا نظر في برهان كما إن حياته من غير بخار تجويف قلب حدث عن امتزاج الأركان كما إن ذاته لا تقبل الزيادة و النقصان فسبحانه سبحانه من بعيد دان عظيم السلطان عميم الإحسان جسيم الامتنان كل ما سواه فهو عن جوده فائض و فضله و عدله الباسط له و القابض أكمل صنع العالم و أبدعه حين أوجده و اخترعه لا شريك له في ملكه و لا مدبر معه في ملكه إن أنعم فنعم فذلك فضله و إن أبلى فعذب فذلك عدله لم يتصرف في ملك غيره فينسب إلى الجور و الحيف و لا يتوجه عليه لسواه حكم فيتصف بالجزع لذلك و الخوف كل ما سواه تحت سلطان قهره و متصرف عن إرادته و أمره فهو الملهم نفوس المكلفين التقوى و الفجور و هو المتجاوز عن سيئات من شاء و الآخذ بها من شاء هنا و في يوم النشور لا يحكم عدله في فضله و لا فضله في عدله أخرج العالم قبضتين و أوجد لهم منزلتين فقال هؤلاء للجنة و لا أبالي و هؤلاء للنار و لا أبالي و لم يعترض عليه معترض هناك إذ لا موجود كان ثم سواه فالكل تحت تصريف أسمائه فقبضة تحت أسماء بلائه و قبضة تحت أسماء آلائه و لو أراد سبحانه أن يكون العالم كله سعيدا لكان أو شقيا لما كان من ذلك في شأن لكنه سبحانه لم يرد فكان كما أراد فمنهم الشقي و السعيد هنا و في يوم المعاد فلا سبيل إلى تبديل ما حكم عليه القديم و قد قال تعالى في الصلاة هي خمس و هي خمسون مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ مٰا أَنَا بِظَلاّٰمٍ لِلْعَبِيدِ لتصرفي في ملكي و إنفاذ مشيئتي في ملكي و ذلك لحقيقة عميت عنها الأبصار و البصائر و لم تعثر عليها الأفكار و لا الضمائر إلا بوهب إلهي و جود رحماني

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست