responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 349

شَيْءٌ و بالدليل النظري

[الهرولة الإلهية في نظر الإيمان و في نظر العقل]

و لا تتأول الهرولة الإلهية بتضعيف الإقبال الإلهي على العبد و تأكيده و لا غير ذلك من ضروب التأويلات المنزهة و إنما تأول ذلك من تأوله من العقلاء بتضاعف الإقبال الإلهي بجزيل الثواب على العبد إذا أتى إلى ربه يسعى بالعبادات التي فيها المشي كالسعي إلى المساجد و السعي في الطواف و إلى الطواف و إلى الحج و إلى عيادة المرضى و إلى قضاء حوائج الناس و تشييع الجنائز و كل عبادة فيها سعى قرب محلها أو بعد قال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلاٰةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ

[تنزيه الحق هو أن لا يرفع عنه ما وصف به نفسه]

فطهر الوضوء وصف الحق بأنه يهرول و الطهر الذي هو النظافة هو تنزيه الحق أن لا يرفع عنه ما وصف به نفسه و أما ما لم يصف به نفسه مما هو من نعوت الممكنات فتنزيهه عن أن يوصف بشيء من ذلك هو للعقل فالعقل تحت حكم الشرع إذا نطق الشرع في صفات الحق بما نطق فليس له رد ذلك إن كان مؤمنا و يكون المنطوق و الموصوف بتلك الصفة قابلا أي جائز القبول أو مجهول القبول فيلزم العقل قبول الوصف المشروع و إن جهل قبول الموصوف له و لهذا ذهبنا في طهر الرجلين إلى الطهر اللغوي الذي هو النظافة و التنزيه من النجاسة فلا يلزمنا شيء مما يتفرع من هذه المسألة من المسائل على مذهب القائلين بطهر الوضوء و أما إذا لبس خفا على خف فهو وصف الحق نفسه بالهرولة فإن الهرولة صفة للسعي و السعي صفة للرجل فقد يكون السعي بهرولة و قد لا يكون و إذا كان هذا فالهرولة من صفات السعي فبين الهرولة و بين القدم أمر آخر و هو السعي فهو كالخف على الخف و قد تقدم الكلام عليه فافهم

(باب في معرفة ناقض طهارة المسح على الخف)

[ما هو متفق عليه و ما هو مختلف فيه]

الاتفاق على إن نواقضها نواقض الوضوء كلها و سيأتي بابه في هذا الباب فيما بعد اختلف العلماء في نزع الخف هل هو ناقض للطهارة أم لا فمن قائل إن الطهارة تبطل و يستأنف الوضوء و من قائل تبطل طهارة القدمين خاصة فيغسلهما و لا بد على ما تقدم من الاختلاف في الموالاة و من قائل لا يؤثر نزع الخف في طهارة القدم و به أقول و إن استأنف الوضوء فهو أحوط و لا يؤثر في طهارته كلها إلا أن يحدث ما ينقض كما سيأتي

(وصل في حكم الباطن في ذلك)

[سريان التنزيه في الموصوف عموما]

أما حكم الباطن فيمن قال تبطل الطهارة كلها فهو سريان التنزيه في الموصوف فإذا قبل تنزيها بعينه قبل سائر ما يعقل فيه التنزيه كذلك إن بطل تنزيه ما في حق الموصوف سرى البطلان في النعوت كلها نعوت التنزيه

[نفي الشرع وصفا معينا عن الحق]

و من قال تبطل طهارة الرجل خاصة هو أن يزيل الشرع عن الحق وصفا ما على التعيين فلا يلزم منه إزالة كل وصف يقتضي التشبيه فإن اللّٰه سبحانه نزه نفسه أن يلد و ما نزه نفسه عن أن يتردد في الأمر يريد فعله و لا نزه نفسه عن التدبر و لا نزه نفسه عن الغضب

[نفي الولادة المادية عن اللّٰه لا الاصطفاء الذي هو ولادة روحية]

و من قائل بأنه على طهره و إن نزع الخف لا حكم له و لا تأثير في الطهارة التي كان موصوفا بها في حال لبسه خفه يقول و إن نزه الحق نفسه عن أن يلد فالوصف له باق فإنه قال لَوْ أَرٰادَ اللّٰهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَصْطَفىٰ مِمّٰا يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ فأبقى الأمر على حكمه بقوله تعالى لَوْ أَرٰادَ و هذا مثل قوله تعالى لَوْ لاٰ كِتٰابٌ مِنَ اللّٰهِ سَبَقَ و قوله مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ و هذا رد على من يقول إن الإله لذاته أوجد الممكن لا لنسبة إرادة و لا سبق علم و الصحيح ما قاله الشارع و إن لم تكن تلك النسبة أمرا وجوديا زائدا فاعلم ذلك

(أبواب المياه)

[أحكام المياه ظاهرا و باطنا]

قد تقدم الكلام في أول الباب في الفرق بين ماء الغيث و ماء العيون و بينا من ذلك ما فيه غنية فلنذكر في هذه الأبواب حكم ما نزعت إليه علماء الشريعة في الظاهر بما يناسبه من طهارة الباطن

(باب في مطلق المياه)

[ما أجمع عليه الفقهاء في أمر المياه و ما اختلفوا فيه]

أجمع العلماء على إن جميع المياه طاهرة في نفسها مطهرة غيرها إلا ماء البحر فإن فيه خلافا و كذلك أيضا اتفقوا على إن ما يغير الماء مما لا ينفك عنه غالبا إنه لا يسلب عنه صفة التطهير إلا الماء الآجن فإن ابن سيرين خالف فيه و الذي أذهب إليه أن كل ما ينطلق عليه اسم الماء مطلقا فإنه طاهر مطهر سواء كان ماء البحر أو الآجن و اتفقوا أيضا على إن الماء الذي غيرت النجاسة لونه أو طعمه أو ريحه أو كل هذه الأوصاف أنه لا تجوز به الطهارة فإن لم يتغير الماء و لا واحد من أوصافه بقي على أصله من الطهارة و التطهير و لم يؤثر ما وقع فيه من النجاسة إلا أني أعرف في هذه المسألة خلافا في قليل الماء يقع فيه قليل النجاسة بحيث أن لا يتغير من أوصافه شيء

(وصل حكم الباطن في ذلك)

[الماء هو الحياة التي بها تحيا القلوب]

فأما حكم الباطن فيما

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست