responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 218



و كنت ممن تزكيه حقائقه و لا سبيل إلى طعن و تجريح
و إن جهلت الذي قلناه جئت إلى دار السؤال بصدر غير مشروح

[الإيمان و الكشف]

اعلم أيدك اللّٰه بروح القدس أن هذا الشخص المحقق في منزل الأنفاس أي شخص كان فإن حاله بعد موته يخالف سائر أحوال الموتى فلنذكر أولا حصر مآخذ أهل اللّٰه العلوم من اللّٰه كما قررناه في الباب قبل هذا و لنذكر ما لهم و آثار تلك المأخذ في ذواتهم فلنقل اعلم يا أخي أن علم أهل اللّٰه المأخوذ من الكشف إنه على صورة الايمان سواء فكل ما يقبله الايمان عليه يكون كشف أهل اللّٰه فإنه حق كله و المخبر به و هو النبي صلى اللّٰه عليه و سلم مخبر به عن كشف صحيح و ذوات العلماء بالله تعالى تكون على صفة الشيء الذي تأخذ منه العلم بالله أي شيء كان

[الصفات النفسية و المعنوية]

و اعلم أن الصفات على نوعين صفات نفسية و صفات معنوية فالصفات المعنوية في الموصوف هي التي إذا رفعتها عن الذات الموصوفة بها لم ترتفع الذات التي كانت موصوفة بها و الصفات النفسية هي التي إذا رفعتها عن الموصوف بها ارتفع الموصوف بها و لم يبق له عين في الوجود العيني و لا في الوجود العقلي حيث ما رفعتها ثم إنه ما من صفة نفسية للموصوف التي هي ليست بشيء زائد على ذاته إلا و لها صفة نفسية بها يمتاز بعضها عن بعض فإنه قد تكون ذات الموصوف مركبة من صفتين نفسيتين إلى ما فوق ذلك و هي الحدود الذاتية و هنا باب مغلق لو فتحناه لظهر ما يذهب بالعقول و يزيل الثقة بالمعلوم و ربما كان يؤول الأمر في ذلك إلى أن يكون السبب الأول من صفات نفس الممكنات كما أنك إذا جعلت السبب شرطا في وجود المشروط و رفعت الشرط ارتفع المشروط بلا شك و لا يلزم العكس فهذا يطرد و لا ينعكس فتركناه مقفلا لمن يجد مفتاحه فيفتحه

[العلوم الصحيح:المعرفة الصوفية]

و إذا كان الأمر عندنا و عند كل عاقل بهذه المثابة فقد علمت إن الصفات معان لا تقوم بأنفسها و ما لها ظهور إلا في عين الموصوف و الصفات النفسية معان و هي عين الموصوف و المعاني لا تقوم بأنفسها فكيف تكون هي عين الموصوف لا غيره فيوصف الشيء بنفسه و صار قائما بنفسه من حقيقته ألا يقوم بنفسه فإن كل موصوف هو مجموع صفاته النفسية و الصفات لا تقوم بأنفسها و ما ثم ذات غيرها تجمعها و تظهر و قد نبهتك على أمر عظيم لتعرف لما ذا يرجع علم العقلاء من حيث أفكارهم و يتبين لك أن العلم الصحيح لا يعطيه الفكر و لا ما قررته العقلاء من حيث أفكارهم و أن العلم الصحيح إنما هو ما يقذفه اللّٰه في قلب العالم و هو نور إلهي يختص به مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ من ملك و رسول و نبي و ولي و مؤمن و من لا كشف له لا علم له

[التعريف الإلهي بما تحيله العقول:«المتشابه» و«المعجزة»]

و لهذا جاءت الرسل و التعريف الإلهي بما تحيله العقول فتضطر إلى التأويل في بعضها لتقبله و تضطر إلى التسليم و العجز في أمور لا تقبل التأويل أصلا و غايته أن يقول له وجه لا يعلمه إلا اللّٰه لا تبلغه عقولنا و هذا كله تأنيس للنفس لا علم حتى لا ترد شيئا مما جاءت به النبوة هذا حال المؤمن العاقل و أما غير المؤمن فلا يقبل شيئا من ذلك و قد وردت أخبار كثيرة مما تحيلها العقول منها في الجناب العالي و منها في الحقائق و انقلاب الأعيان فأما التي في الجناب العالي فما وصف الحق به نفسه في كتابه و على لسان رسله مما يجب الايمان به و لا يقبله العقل بدليله على ظاهره إلا إن تأوله بتأويل بعيد فإيمانه إنما هو بتأويله لا بالخبر و لم يكن له كشف إلهي كما كان للنبي فيعرف مراد الحق في ذلك الخبر فوصف نفسه سبحانه بالظرفية الزمانية و المكانية و وصفه بذلك رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم و جميع الرسل و كلهم على لسان واحد في ذلك لأنهم يتكلمون عن إل واحد

[إله العقل و إله الإيمان و الكشف]

و العقلاء أصحاب الأفكار اختلفت مقالاتهم في اللّٰه تعالى على قدر نظرهم فالإله الذي يعبد بالعقل مجردا عن الايمان كأنه بل هو إله موضوع بحسب ما أعطاه نظر ذلك العقل فاختلفت حقيقته بالنظر إلى كل عقل و تقابلت العقول و كل طائفة من أهل العقول تجهل الأخرى بالله و إن كانوا من النظار الإسلاميين المتأولين فكل طائفة تكفر الأخرى و الرسل صلوات اللّٰه عليهم من آدم ع إلى محمد صلى اللّٰه عليه و سلم ما نقل عنهم اختلاف فيما ينسبونه إلى اللّٰه من النعوت بل كلهم على لسان واحد في ذلك و الكتب التي جاءوا بها كلها تنطق في حق اللّٰه بلسان واحد ما اختلف منهم اثنان يصدق بعضهم بعضا مع طول الأزمان و عدم الاجتماع و ما بينهم من الفرق المنازعين لهم من العقلاء ما اختل نظامهم و كذلك المؤمنون بهم على بصيرة المسلمون المسلمون الذين لم يدخلوا نفوسهم في تأويل فهم أحد رجلين إما رجل آمن و سلم و جعل علم ذلك إليه إلى أن مات و هو المقلد و إما

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست