responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 172

[ترتيب العلوم و إحصاؤها]

اعلم أيدك اللّٰه أنه لما كان العلم المنسوب إلى اللّٰه لا يقبل الكثرة و لا الترتيب فإنه غير مكتسب و لا مستفاد بل علمه عين ذاته كسائر ما ينسب إليه من الصفات و ما سمي به من الأسماء و علوم ما سوى اللّٰه لا بد أن تكون مرتبة محصورة سواء كانت علوم وهب أو علوم كسب فإنها لا تخلو من هذا الترتيب الذي نذكره و هو علم المفرد أولا ثم علم التركيب ثم علم المركب و لا رابع لها فإن كان من المفردات التي لا تقبل التركيب علمه مفردا و كذلك ما بقي فإن كل معلوم لا بد أن يكون مفردا أو مركبا و المركب يستدعي بالضرورة تقدم علم التركيب و حينئذ يكون علم المركب

[للنازل للتسعة عشر]

فهذا قد علمت ترتيب جميع العلوم الكونية فلنبين لك حصر المنازل في هذا المنزل و هي كثيرة لا تحصى و لنقتصر منها على ما يتعلق بما يختص به شرعنا و يمتاز به لا بالمنازل التي يقع فيها الاشتراك بيننا و بين غيرنا من سائر علوم الملل و النحل و جملتها تسعة عشر مرتبة أمهات و منها ما يتفرع إلى منازل و منها ما لا يتفرع فلنذكر أسماء هذه المراتب و لنجعل لها اسم المنازل فإنه كذا عرفنا بها في الحضرة الإلهية و الأدب أولى فلنذكر ألقاب هذه المنازل و صفات أربابها و أقطابها المتحققين بها و أحوالهم و ما لكل حال من هذه الأحول من الوصف ثم بعد ذلك نذكر إن شاء اللّٰه كل صنف من هذه التسعة عشر و نذكر بعض ما يشتمل عليه من أمهات المنازل لا من المنازل فإنه ثم منزل يشتمل على ما يزيد على المائة من منازل العلامات و الدلالات على أنوار جلية و يشتمل على آلاف و أقل من منازل الغايات الحاوية على الأسرار الخفية و الخواص الجلية ثم نتلو ما ذكرنا بما يضاهي هذا العدد لهذه المنازل من الموجودات قديمها و حديثها ثم نذكر ما يتعلق ببعض معاني هذا المنزل على التقريب و الاختصار إن شاء اللّٰه تعالى

«ذكر ألقابها و صفات أقطابها»

فمن ذلك منازل الثناء و المدح هو لأرباب الكشوفات و الفتح و منازل الرموز و الألغاز لأهل الحقيقة و المجاز و منازل الدعاء لأهل الإشارات و البعد و منازل الأفعال لأهل الأحوال و الاتصال و منازل الابتداء لأهل الهواجس و الإيماء و منازل التنزيه لأهل التوجيه في المناظرات و الاستنباط و منازل التقريب للغرباء المتألهين و منازل التوقع لأصحاب البراقع من أجل السبحات و منازل البركات لأهل الحركات و منازل الأقسام لأهل التدبير من الروحانيين و منازل الدهر لأهل الذوق و منازل الإنية لأهل المشاهدة بالأبصار و منازل اللام و الألف للالتفاف الحاصل بالتخلق بالأخلاق الإلهية و لأهل السر الذي لا ينكشف و منازل التقرير لأهل العلم بالكيمياء الطبيعية و الروحانية و منازل فناء الأكوان للضنائن المخدرات و منازل الألفة لأهل الأمان من أهل الغرف و منازل لوعيد للمتمسكين بقائمة العرش الأمجد و منازل الاستخبار لأهل غامضات الأسرار و منازل الأمر للمتحققين بحقائق سره فيهم و أما صفاتهم فأهل المدح لهم الزهو و أهل الرموز لهم النجاة من الاعتراض و أما المتألهون فلهم التيه بالتخلق و أما أهل الأحوال و الاتصال فلهم الحصول على العين و أما أهل الإشارة فلهم الحيرة عند التبليغ و أما أهل الاستنباط فلهم الغلط و الإصابة و ليسوا بمعصومين و أما الغرباء فلهم الانكسار و أما أهل البراقع فلهم الخوف و أما أهل الحركة فلهم مشاهدة الأسباب و المدبرون لهم الفكر و الممكنون لهم الحدود و أهل المشاهد لهم الجحد و أهل الكتم لهم السلامة و أهل العلم لهم الحكم على المعلوم و أهل الستر منتظرون رفعه و أهل الأمن في موطن الخوف من المكر و أهل القيام لهم القعود و أهل الإلهام لهم التحكم و أهل التحقيق لهم ثلاثة أثواب ثوب إيمان و كفر و نفاق

[أحوال أرباب للنازل]

و أما ذكر أحوالهم فاعلم إن اللّٰه تعالى قد هيأ المنازل للنازل و وطأ المعاقل للعاقل و زوي المراحل للراحل و أعلى المعالم للعالم و فصل المقاسم للقاسم و أعد القواصم للقاصم و بين العواصم للعاصم و رفع القواعد للقاعد و رتب المراصد للراصد و سخر المراكب للراكب و قرب المذاهب للذاهب و سطر المحامد للحامد و سهل المقاصد للقاصد و أنشأ المعارف للعارف و ثبت المواقف للواقف و وعر المسالك للسالك و عين المناسك للناسك و أخرس المشاهد للشاهد و أحرس الفراقد للراقد

«ذكر صفات
أحوالهم»

فإنه سبحانه جعل النازل مقدرا و العاقل مفكرا و الراحل مشمرا و العالم مشاهدا و القاسم مكابدا و القاصم مجاهدا و العاصم مساعدا و القاعد عارفا و الراصد واقفا و الراكب محمولا و الذاهب معلولا و الحامد مسئولا و القاصد مقبولا و العارف مبخوتا و الواقف مبهوتا و السالك مردودا و الناسك مبعودا و الشاهد

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست