اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 615
ومنهم من يقول
: وجه إعجازه ، سلامته عن التناقض ، لكنه يستلزم كون كل كلام إذا سلم من التناقض ،
وبلغ مقدار سورة من السور ، أن يعد معارضة. واللازم بالإجماع منتف.
ومنهم من يقول
: وجه الإعجاز الاشتمال على الغيوب ، لكنه يستلزم قصر التحدي على السور المشتملة
على الغيوب دون ما سواها ، واللازم بالإجماع أيضا منتف.
فهذه أقوال
أربعة ، يخمسها ما يجده أصحاب الذوق من أن وجه الإعجاز : وهو أمر من جنس البلاغة
والفصاحة ، ولا طريق لك إلى هذا الخامس إلا طول خدمة هذين العلمين ، بعد فضل إلهي من
هبة يهبها بحكمته من يشاء ، وهي النفس المستعدة لذلك. خ خ فكل ميسر لما خلق [١] ، ولا استبعاد في إنكار هذا الوجه ممن ليس معه ما يطلع
عليه ، فلكم سحبنا الذيل في إنكاره ، ثم ضممنا الذيل ما أن ننكره ، فله الشكر على
جزيل ما أولى ، وله الحمد في الآخرة والأولى.
هذا وحين نرى
الجهل قد أعمى جماعات عن علو شأن التنزيل ، حتى تعكسوا في ضلالات اعتقدوها لجهلهم
مطاعن قامت على صحتها الأدلة ، فما ديدن الجهال إلا كذلك ، يقيمون ما نص لديه
الجهل تليله ، مقام ما قص عليه العقل دليله ، فلئن لم يحرك ها هنا القلم ، ليقفن
المبتغي بين منزلي حصول وفوات ، وكأني بمقامي هذا أسمعه
[١] هذه قطعة من حديث
طويل أخرجاه في الصحيحين عن علي ـ رضياللهعنه
ـ مرفوعا : ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ، ومقعده من الجنة قالوا :
يا رسول الله ، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال : اعملوا ، فكل ميسر لما خلق
له ، أما من كان من أهل السعادة ، فسييسر لعمل السعادة ، وأما من كان من أهل
الشقاوة ، فسييسر لعمل الشقاوة ثم قرأ : (فَأَمَّا
مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى)
الآية. وانظر في شرحه شرح الطيبى على مشكاة المصابيح ٢ / ٥٣٧ ح ٨٥ ط نزار الباز
مكة المكرمة ـ بتحقيقى.