إنك بعد أن
وقفت على خواص تراكيب الاستدلالات في الفصل السابق ، مع أصولها المحتاج إليها ،
وفروعها اللائقة بها ، لا نراك تفتقر في هذا الفصل إلا إلى مجرد الوقوف على
الأحوال في الشرط : من الإثبات والنفي ، والتقييد بالكل والبعض والإهمال ، ومن
التناقض والانعكاس. فحري بنا أن نوقفك على ذلك فنقول وبالله التوفيق.
أما الشرط ،
فقد وقفت على كلماته في علم النحو ، وعلى تحقيقه في علم المعاني ، فلا نعيد ذلك.
ولكن الأصحاب ألحقوا بكلمات الشرط : خ خ كلما ، وإن كانت أصول النحو تأبى ذلك ،
لما تقرر أن كلمات الشرط حقها أن تجزم ، وليس هو من الجزم في شيء ، وإنما هو : (كل)
الشمول ، قد دخل على : (ما) المصدرية المؤدية معنى الظرف ، على نحو : خ خ أتيتك مقدم
الحاج ، وانتصب في قولك : خ خ كلما أكرمتني أكرمتك ، لإضافته إلى الظرف ، مفيدا
معنى : خ خ كل وقت إكرامك إياي أكرمك.
واصطلحوا في
كلمة : الترديد ، وهي إما على تسميتها كلمة شرط ، وليس من الشرط في شيء ، وإنما
حاصله ترديد المبتدأ ، قبل دخول العوامل وبعده ، بين خبرين أو أكثر ، كقولك : خ خ
زيد إما قائم ، وخ خ إما قاعد ، وخ خ إما ، وإما .. وخ خ إن زيدا إما قائم ، وإما
قاعد ؛ وخ خ كان زيد إما قائما ، وإما قاعدا ؛ وأظن زيدا إما قائما وإما قاعدا ...
وكقولك : خ خ زيد إما أن يكون قائما وإما أن يكون قاعدا ، إذ أصل الكلام ، بوساطة
أصول النحو وعلم المعاني ، حال زيد إما كونه قائما ، وإما كونه قاعدا. أي حاله :
إما القيام وإما القعود ، وكقولك : خ خ إما أن يكون زيد قائما وإما أن يكون قاعدا.
إذ أصل الكلام الواقع : إما كون زيد قائما ، وإما كونه قاعدا ، أي الواقع إما قيام
زيد وإما قعوده.