اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 591
بفعل فيحصل : لا كل معرب فعل.
وقد عرفناك
الطرق فاسكلها بنفسك ، ومتى أتقنت ما ذكر ، أمكنك تحصيل المطالب بطرق معلومة
مضبوطة الأسماء ، وقد انضم إلى ذلك ما اخترنا نحن في عكوس الجمل ، من بقاء جهاتها
محفوظة على ما سبق تقرير ذلك.
تفاوت الامتزاجات بين المتقدمين والمتأخرين :
ونحن إن [نسوق]
الكلام إلى الآخر ، على أقرب الوجوه وأدخلها في الضبط أمكن ، ولكن في البين واقع
يورث تشويشا ، فلا بد من تداركه ، وهو : أن بين المتقدمين والمتأخرين في
الامتزاجات تفاوتا في الحكم يقدح في ضبط الكلام في مواضع ، ويشوش الأمر على
المتعاطين ، فالرأي : أن نطلعك على السبب في وقوع التفاوت ، ثم نصرح لك بما نحن
فاعلوه هناك من اختيار الأقرب إلى الضبط ، والعمل بالأليق.
اعلم أن
التفاوت بين رأي المتقدمين ورأي المتأخرين حيث وقع ، وقع ؛ لأن المتقدمين لأجل
تطلب الضبط اختاروا في الحاصل من الدليل أقل ما يلزم منه ، أعني : أعم الاحتمالين
، ولعمري ، ما فاتهم فائت ، وقد حصلوا على قانون مضبوط ، وهو جعل الحاصل تابعا
لأعم جملتي الاستدلال ، إلا فيما كان اللازم من الدليل في الظهور مساويا لأقل ما
يلزم منه ، وما ركبوا في اختيارهم لما اختاروه نوع بدعة. كيف ، وإن مبني الدليل
كما عرفت على استفادة اليقين منه؟ والتشبث بأقل ما يلزم في باب اكتساب اليقين مما
له قدم صدق في ذلك.
وأما المتأخرون
: فقد بنوا رأيهم على ما يلزم من الدليل البتة ، من غير محاباة وغير التفات إلى
مطلوب آخر في البين.
ونحن ، على أن
نوفق بين الرأيين ، فنأخذ أقل ما يلزم من الدليل ابتداء ، ثم ننظر في الزيادة
المحتملة ، إن وجدناها لازمة أخذناها أجزاء ، وهذا حين أن نشرع في الامتزاجات ،
ذاكرين منها عدة أمثلة ليستعان بها فيما سواها.
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 591