اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 570
فتقول : أما البعضيان ؛ فقد عرفت أن لا سبيل إلى تناقضهما ، لتعذر الطريق
إلى اتحاد المحكوم له فيهما باحتمال تغاير هو بين المبتدأين ، وأما الكليتان :
فصحة اجتماعهما في الكذب لاحتمال اختصاص الصدق بغيرهما ، وهو اللاكل ، تسد الطريق
إلى تناقضهما.
وأما المطلقتان
العامتان : فلا سبيل إلى تناقضهما لتعذر الطريق إلى اتحاد المحكوم به فيهما ،
لاحتمالهما اللادوام المصير لهما إلى البعض من الزمان ، المتعذر الاتحاد باحتمال
تغاير هو بين البعضين ، فحال المطلقتين العامتين من جانب الخبر ، كحال البعضيتين
من جانب المبتدأ ، فحيث عرفت أن البعضية لا ينقاضها إلا الكلية ، فاعرف أن المطلقة
العامة لا ينقاضها إلا الدائمة. ومن هذا يتحقق أن قول من يقول بصحة تناقض
المطلقتين مفتقر إلى تأويل ، ولعل المراد المطلقات اللفظية المستتبعة للدوام معنى
، كقولنا : خ خ كل إنسان حيوان أو خ خ ناطق أو خ خ ضحاك وما شاكل ذلك ، وأما
الوجودية الدائمة وهي كقولنا : خ خ كل جسم ما دام موجود الذات قابل للعرض ،
نقيضتها اللادائمة المحتملة للمخالف الدائم ، وهو [المنتقي][١] في جملة الأوقات. وللموافق اللادائم وهو المنتفي لا في
جملتها. وأما العرفية العامة : وهي قولنا : خ خ كل إنسان حيوان ما دام إنسانا ،
فحين قيد ثبوت الخبر بدوام الوصف ، وأطلق في جانب حقيقة المبتدأ ، وقد عرفت أن
إطلاق الخبر في حق المطلق ، له حكم اللادائم ، فقد حصل الدوام مع الوصف ،
واللادوام مع الذات. فيلزم في النقض : إما نفي الخبر مع الوصف ، أو اللادوام مع
الذات فيلزم في البعض إما نفي الخبر عن حقيقة المبتدأ على الدوام ، أو نفيه عن
الوصف لا على الدوام. وأما [الوجودية][٢] اللادائمة : وهي مثل قولنا : خ خ كل أبيض مفرق للبصر لا
ما دام موجودا ، فحين أثبت فيها الخبر بقيد لا دوام الوجود وإطلاقه فيما عداه ،
لزم في نقيضتها : إما النفي أو الإثبات الدائم. وأما العرفية الخاصة ، وهي كقولنا
: خ خ كل أبيض مفرق للبصر لا ما دام موجودا بل ما دام أبيض ، فحين أثبت فيها الخبر
بقيد لا دوام الوجود ودوام الصفة ، لزم في نقيضتها : إما النفي الدائم ، أو
الإثبات