اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 557
أو يجعل الثالث
في اللاحقة معاندا لكل مبتداها ، فينعقد العناد بينهما كليّا من الجانبين ، ويجعل
كله أو بعضه كيف كان ملزوما لخبر السابقة ، فيصير مستلزما لبعض الخبر الذي هو
مبتدأ المطلوب ، ومعاندا لكل خبر المطلوب ، ويفرق بين الخبرين تفريقا بعضيا ،
والألزم القدح في كونه مستلزما معاندا ، ويلزم الجمع بين النقيضين.
مثال الضرب
الأول منهما : كل إنسان حيوان ، ولا شيء من الأفراس بإنسان ، يلزم منه : لا كل
حيوان فرس. ومثال الضرب الثاني منهما : بعض الحيوانات أبيض ، ولا شيء من الحجر
بحيوان ، يلزم منه لا كل أبيض حجر.
أو يجعل الثالث
لازما في اللاحقة كلية ، مستلزما بعضه لكل مبتداها ، و [يجعله][١] مباينا في السابقة كليا ، فيصير مباينا لكل مبتدأ
المطلوب ، مستلزما لكل خبره ، ويفرق بينهما تفريقا كليا والألزم القدح في كونه
مباينا مستلزما ، ويلزم الجمع بين النقيضين ، والذي صير ضروب هذه الصورة الستة عشر
إلى خمسة التفصيل المذكور وهو : كلية السابقة مثبتة في الإثبات ، وكليتها منفية في
النفي مع كلية اللاحقة ، وكلية اللاحقة منفية ، والسابقة كيف كانت.
واعلم أن خلاصة
هذه الصور الأربع وضروب تأليفاتها التسعة عشر راجعة إلى حرف واحد وهو : أن المبتدأ
متى لم يكن معلوما من نفسه مجامعته للخبر فيثبت ، أو مفارقته له فينفي [بطلب][٢] ثالث بينهما يجمعهما أو يفرقهما ، ثم الحاكم في جمع
الثالث أو تفريقه أحكام أصلين : أحدهما : أن لزوم الشيء لكل آخر أو بعضه ينعكس
بعضيا ، وأن عناد الشيء لكل آخر ينعكس كليا ، فملزوم اللازم مستلزم لبعض أفراد
اللازم بالقطع استلزاما من الجانبين : استواء وانعكاسا ، وثانيهما : أن المستلزم
لا ينفك عن المستلزم ، فإن كان المستلزم ثبوت شيئين اجتمعا ، وإن كان ثبوت واحد
وانتفاء آخر تفرقا ، فأنت متى وجدت الثالث متحدا ، إما لكونه كلا في السابقة
واللاحقة ،