دل بقوله : لا
أمتع العوذ بالفصال ، على أنه لا يبقى لها فصالها ، فينتفع بها من جهة استئناسها ،
وحصول الفرح الطبيعي لها في مشاهدتها إياها ، وما تستملح من حركاتها لديها ،
ويحتمل أن يريد : لا أبقي العوذ بسبب فصالها ، نظرا لها ، فتسلم عن النحر ، فتنتفع
بالفصال من هذه الجهة. ودل بمعنى : أنه لا يبقيها على أنه ينحرها. ودل بمعنى : نحرها
، على أنه يصرفها إلى قرى الضيفان. وكذا دل بقوله : قريبة الأجل ، على أنها : لا
تلبث عنده حية ، ودل بذلك على أنه ينحرها ، ثم دل بنحرها على معنى أضيف.
القسم الثالث
في الكناية المطلوب بها تخصيص الصفة بالموصوف
هي أيضا تتفاوت
في اللطف ، فتارة تكون لطيفة وأخرى ألطف ، وأنا أورد عدة أمثلة ، منها قول زياد
الأعجم [٢] وهو لطيف :
إنّ السماحة
والمروءة والندى ...
في قبّة ضربت
على ابن الحشرج
فإنه حين أراد
أن لا يصرح بتخصيص السماحة والمروءة والندى بابن الحشرج ، فيقول : خ خ السماحة
لابن الحشرج ، والمروءة له ، والندى له ، فإن الطريق إلى تخصيص الصفة بالموصوف
بالتصريح : إما الإضافة أو معناها ، وإما الإسناد أو معناه ، فالإضافة ، كقولك : خ
خ سماحة ابن الحشرج ، أو خ خ سماحته ، مظهرا كان المضاف إليه أو مضمرا
[١]أورده بدر الدين
بن مالك في المصباح ص ١٥١ وعزاه لابن هرمة ، والجرجاني في الإشارات ص ٢٤٢ ،
والقزوينى في الإيضاح ص ٤٦٠ ، والطيبى في التبيان (١ / ٣٢٩) بتحقيقى.
العوذ : النوق الحديثة النتاج ، واحدتها
: عائذ. الفصال : جمع فصيل.
[٢] أورده القزويني
في الإيضاح ص ٤٦٢ وعزاه لأبي زياد الأعجم ، والرازي في نهاية الإيجاز ص ٢٧١ وبدر
الدين بن مالك في المصباح ص ١٥٢ ابن الحشرج : من ولاة بنى أمية ، اسمه عبد الله.
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 517