اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 428
الباب الثالث
في الأمر
للأمر حرف واحد
وهو اللام الجازم في قولك : ليفعل ، وصيغ مخصوصة سبق الكلام في ضبطها في علم الصرف
، وعدة أسماء ذكرت في علم النحو.
والأمر في لغة
العرب عبارة عن استعمالها أعني استعمال نحو : لينزل ، وانزل ، ونزال وصه على سبيل
الاستعلاء. وأما أن هذه الصور ، والتي هي من قبيلها ، هل هي موضوعة لتستعمل على
سبيل الاستعلاء أم لا؟ فالأظهر أنها موضوعة لذلك ، وهي حقيقة فيه ، لتبادر الفهم
عند استماع نحو : قم وليقم زيد ، إلى جانب الأمر ، وتوقف ما سواه من الدعاء ،
والالتماس والندب ، والإباحة والتهديد ، على اعتبار القرائن. وإطباق أئمة اللغة
على إضافتهم نحو : قم ، وليقم ، إلى الأمر بقولهم : صيغة الأمر ، ومثال الأمر ،
ولام الأمر ، دون أن يقولوا : صيغة الإباحة ، ولام الإباحة ، مثلا يمد ذلك لك.
وتحقيق معنى الحقيقة والمجاز موضعه في علم البيان ، فنذكره هناك إن شاء الله
تعالى.
ولا شبهة في أن
طلب المتصور ، على سبيل الاستعلاء ، يورث إيجاب الإتيان على المطلوب منه ، ثم إذا
كان الاستعلاء ممن هو أعلى رتبة من المأمور استتبع إيجابه وجوب الفعل بحسب جهات
مختلفة ، وإلّا لم يستتبعه ، فإذا صادفت هذه أصل الاستعمال بالشرط المذكور ، أفادت
الوجوب ، وإلّا لم تفد غير الطلب ، ثم إنها حينئذ تولد بحسب قرائن الأحوال ما ناسب
المقام ، إن استعملت على سبيل التضرع كقولنا : اللهم اغفر وارحم ، ولدت الدعاء ؛
وإن استعملت على سبيل التلطف ، كقول كل أحد لمن يساويه في المرتبة : افعل ، بدون
الاستعلاء ، ولدت السؤال والالتماس كيف عبرت عنه ، وإن استعملت في مقام الإذن ،
كقولك : جالس الحسن ، أو ابن سيرين ، لمن يستأذن في ذلك بلسانه أو بلسان حاله ،
ولدت الإباحة ؛ وإن استعملت في مقام تسخط المأمور به ، ولدت التهديد ، على ما تقدم
الكلام في أمثال ذلك.
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 428