اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 411
هكذا ، ما ضرب زيد أحدا إلا عمرا ، واستلزام هذا الكلام قصر الفاعل على
عمرو المفعول ضروري ، وكذا إذا قلت : ما ضرب إلا عمرا زيد ، وإذا قلت : ما ضرب
عمرا إلا زيد ، لزم تقدير مستثنى منه من جنس المستثنى ، وبوصف العموم وبوصف
المستثنى ، وحينئذ يكون صورة الكلام هكذا : ما ضرب عمرا أحد إلا زيد ، ويلزم ضرورة
قصر المفعول على زيد الفاعل.
وإذا قلت : ما
كسوت زيدا إلا جبة ، كان التقدير : ما كسوت زيدا ملبسا إلا جبة ، فيكون زيد مقصورا
على الجبة ، لا يتعداها إلى ملبس آخر ، وإذا قلت : ما كسوت جبة إلا زيدا ، كان
التقدير : ما كسوت جبة أحدا إلا زيدا ، فتكون الجبة مقصورة على زيد لا تتعداه إلى
من عداه ، وإذا قلت : ما جاء راكبا إلا زيد ، كان التقدير : ما جاء راكبا أحد ،
إلا زيد ، وإذا قلت : ما جاء زيد إلا راكبا ، كان التقدير : ما جاء زيد كائنا على
حال من الأحوال إلا راكبا ، وإذا قلت : ما اخترت رفيقا إلا منكم : كان التقدير :
ما اخترت رفيقا من جماعة من الجماعات إلا منكم ، وإذا قلت : ما اخترت منكم إلا
رفيقا ، كان التقدير : ما اخترت منكم أحدا متصفا بأي وصف كان إلا رفيقا ، وكذا إذا
قلت : ما اخترت إلا رفيقا منكم ، بدل أن تقول : ما اخترت إلا منكم رفيقا ، لم يعر
عن فرق. وهذا يطلعك على الفرق بين ما قال الشاعر [١] :
لو خيّر
المنبر فرسانه ...
ما اختار
إلّا منكم فارسا
وبين ما إذا
قلت : ما اختار إلّا فارسا منكم.
حكم إنما :
وإذا عرفت هذا
في النفي والاستثناء فاعرفه بعينه في (إنما) لا تصنع شيئا غير ما أذكره لك ، وامض
في الحكم غير مدافع ، نزل القيد الأخير من الكلام الواقع بعد (إنما) منزلة
المستثنى ، فقدر نحو : إنما يضرب زيد ، تقدير : ما يضرب إلا زيد ، ونحو : إنما
يضرب زيد عمرا يوم الجمعة ، تقدير : ما يضرب زيد عمرا إلا يوم الجمعة ، ونحو :
إنما
[١] أورده الجرجاني
في الإشارات ص (٩٧) وعزاه للحميرىّ ، والقزوينى في الإيضاح ص (٢٢٥).
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 411