اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 396
وقد أطلعناك
على كيفية التعرض بجهات الحسن ، ففتش عنها ، تر الباب مشحونا بجهات ، وكنت المرجوع
إليه في اختيار المختار من أقوال النحويين في الباب ، كقول من يرى المخصوص مبتدأ ،
والفعل مع الذي يليه خبرا مقدما ، وقول من يرى المخصوص خبرا لمبتدأ محذوف على ما
رأيت ، وقول من لا يرى اللام في الفاعل إلا للجنس ، وقول من لا يأبى كونها لتعريف
العهد.
التمييز :
واعلم أن باب
التمييز كله ، سواء كان عن مفرد أو عن جملة ، باب مزال عن أصله لتوخي الإجمال
والتفصيل : ألا تراك تجد الأمثلة الواردة من نحو : عندي منوان سمنا ، وعشرون درهما
، وملء الإناء عسلا ، وطاب زيد نفسا ، وطار عمرو فرحا ، وامتلأ الإناء ماء ، منادية
على أن الأصل : عندي سمن منوان ، ودراهم عشرون ، وعسل ملء الإناء ، وطاب نفس زيد ،
وطير الفرح عمرا ، وملأ الماء الإناء ولمصادفة الإجمال والتفصيل الموقع فيما يحكيه
، جل وعلا ، عن زكريا ، عليه الصلاة والسّلام ، من قوله (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)[١] في مقام المباثة ، وحين التلقي لتوابع انقراض الشباب ، ترى ما ترى من مزيد
الحسن ، وفي هذه الجملة وفيما قبلها من : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ
الْعَظْمُ مِنِّي) لطائف ، وأية كلمة في القرآن ، فضلا عن جملة ، فضلا عما
تجاوز ، لا يحتوي على لطائف؟ ولأمر ما تلي على من كانوا النهاية في فصاحة البشر ،
وبلاغة أهل الوبر ، منهم والمدر : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)[٢] فما أحاروا بنت شفه ، ولا صدروا هنالك عن موصوف ولا صفة
، على أنهم كانوا الحراص على التسابق في رهان المفاخر ، والمتهالكين على ركوب
الشطط في امتهان المفاخر ، تأبى لهم العصبية أن لا يرد عضب [٣] مفاخرهم كهاما [٤] ، وأن لا يعد صيب