اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 357
الفن الرابع
الفصل والوصل ، والإيجاز ، والإطناب
مركوز في ذهنك
لا تجد لرده مقالا ، ولا لارتكاب جحده مجالا أن ليس يمتنع بين مفهومي جملتين اتحاد
بحكم التآخي ، وارتباط لأحدهما بالآخر مستحكم الأواخي ، ولا أن يباين أحدهما الآخر
مباينة الأجانب ؛ لانقطاع الوشائج بينهما من كل جانب ، ولا أن يكونا بين بين لآصرة
رحم ما هنالك ، فيتوسط حالهما بين الأولى والثانية لذلك ، ومدار الفصل والوصل.
الفصل :
وهو : ترك
العاطف وذكره على هذه الجهات ، وكذا طي الجمل عن البين ولا طيها ، وإنها لمحك
البلاغة ، ومنتقد البصيرة ، ومضمار النظار ، ومتفاضل الأنظار ، ومعيار قدر الفهم ،
ومسبار غور الخاطر ، ومنجم صوابه وخطائه ، ومعجم جلائه وصدائه ، وهي التي إذا طبقت
فيها المفصل شهدوا لك من البلاغة بالقدح المعلى ، وأن لك في إبداع وشيها اليد
الطولى ، وهذا فصل له فضل احتياج إلى تقرير واف ، وتحرير شاف.
العطف :
اعلم أن تمييز
موضع العطف عن غير موضعه في الجمل كنحو أن تذكر معطوفا بعضها على بعض تارة ،
ومتروكا العطف بينها تارة أخرى ، هو الأصل في هذا الفن ، وأنه نوعان : نوع يقرب
تعاطيه ، ونوع يبعد ذلك فيه ، فالقريب : هو أن تقصد العطف بينها بغير الواو ، أو
بالواو بينها ، لكن بشرط أن يكون للمعطوف عليها محل من الإعراب.
والبعيد : هو
أن تقصد العطف بينها بالواو ، وليس للمعطوف عليها محل إعرابي.
والسبب في أن
قرب القريب ، وبعد البعيد ، هو : أن العطف في باب البلاغة يعتمد معرفة أصول ثلاثة
: أحدها : الموضع الصالح له من حيث الوضع ، وثانيها : فائدته ، وثالثها : وجه كونه
مقبولا لا مردودا.
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 357