اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 342
فالوجه فيه عندي أن يحمل : " اقرأ" على معنى افعل القراءة
وأوجدها ، على نحو ما تقدم في قولهم : فلان يعطي ويمنع ، في أحد الوجهين ، غير
معدى إلى مقروء به ، وأن يكون (" بِاسْمِ
رَبِّكَ") مفعول اقرأ الذي بعده.
النوع الثالث :
والحالة
المقتضية للنوع الثالث : هي كون العناية بما يقدم أتم ، وإيراده في الذكر أهم.
والعناية
التامة بتقديم ما يقدم ، والاهتمام بشأنه نوعان :
أحدهما : أن
يكون أصل الكلام في ذلك هو التقديم ، ولا يكون في مقتضى الحال ما يدعو إلى العدول
عنه ، كالمبتدأ المعرف ، فإن أصله التقديم على الخبر ، نحو : زيد عارف ، وكذي
الحال المعرف ، فأصله التقديم على الحال ، نحو : جاء زيدا راكبا ، وكالعامل ،
فأصله التقدم على معموله ، نحو : عرف زيد عمرا ، وكان زيد عارفا ، وإن زيدا عارف ،
ومن زيد ، وغلام عمرو ؛ وكالفاعل فأصله التقدم على المفعولات ، وما يشبهها من :
الحال والتمييز ، نحو : ضرب زيد الجاني بالسوط يوم الجمعة أمام بكر ضربا شديدا ؛
تأديبا له ممتلئا من الغضب ، وامتلأ الإناء ماء.
وكالذي يكون في
حكم المبتدأ من مفعولي باب : علمت ، نحو : علمت زيدا منطلقا ، أو في حكم فاعل من
مفعولي باب : أعطيت وكسوت ، نحو : أعطيت زيدا درهما ، وكسوت عمرا جبة ، فزيد عاط ،
وعمرو مكتس ، فحقهما التقدم على غيرهما : وكالمفعول المتعدي إليه بغير وساطة ،
فأصله التقدم على المتعدى إليه بوساطة ، نحو : ضربت الجاني بالسوط ، وكالتوابع
فأصلها أن تذكر مع المتبوع ، فلا يقدم عليها غيرها ، نحو : جاء زيد الطويل راكبا ،
وعرفت أنا زيدا ، وكذا : عرفت أنا وفلان زيدا ، وغير ذلك مما عرف له في علم النحو
موضع من الكلام يوصف الأصالة بالإطلاق.
وثانيهما : أن
تكون العناية بتقديمه ، والاهتمام بشأنه ، لكونه في نفسه نصب عينك ، وأن التفات
الخاطر إليه في التزايد ، كما تجدك إذا وارى قناع الهجر وجه من روحك في خدمته ،
وقيل لك : ما الذي تتمنى؟ تقول : وجه الحبيب أتمنى ، فتقدم ؛ أو كما تجدك إذا
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 342