اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 339
النوع الثاني :
وأما الحالة
المقتضية للنوع الثاني : أن يكون هناك من اعتقد أنك عرفت إنسانا وأصاب لكن أخطأ ،
فاعتقد ذلك الإنسان غير زيد ، وأنت تقصد رده إلى الصواب ، فتقول : زيدا عرفت. وإذا
قصدت التأكيد والتقرير ، قلت : زيدا عرفت لا غيره ، ولذلك نهوا أن يقال : ما زيدا
ضربت ولا أحدا من الناس نهيهم أن يقال : ما أنا ضربت زيدا ، ولا أحد غيري ، والنهي
الواقع مقصور على الحالة المذكورة.
أما إذا ظن بك
القائل ظنّا فاسدا أنك تعتقده قد ضرب عمرا ، أو أنك تعتقد كون زيد مضروبا لغيره ،
ثم قال لك ، مدعيا في الصورة الأولى : زيدا ضربت ، وفي الثانية : أنا ضربت زيدا ،
فيصح منك أن تقول : ما زيدا ضربت ولا أحدا من الناس ، أو ما أنت ضربت زيدا ولا أحد
غيرك ؛ فتأمل! فالفرق واضح.
وكذلك امتنعوا
أن يقال : ما زيدا ضربت ، ولكن أكرمته ، فتعقب الفعل المنفي بإثبات فعل هو ضده ؛
لأن مبنى الكلام ليس على أن الخطأ وقع في الضرب ، فيرد إلى الصواب في الإكرام ،
وإنما مبناه على أن الخطأ وقع في المضروب ، حين اعتقد زيدا ، [فرده][١] إلى الصواب أن تقول : ولكن عمرا ، وكذلك إذا قلت : بزيد
مررت ، أفاد أن سامعك كان يعتقد مرورك بغير زيد ، فأزلت عنه الخطأ مخصصا مروركم
بزيد دون غيره ؛ والتخصيص لازم للتقديم ، ولذلك تسمع أئمة علم المعاني في معنى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ)[٢] يقولون : نخصك بالعبادة ، لا نعبد غيرك ، ونخصك
بالاستعانة منك لا نستعين أحدا سواك ؛ وفي معنى : (إِنْ كُنْتُمْ
إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)[٣] يقولون : إن كنتم تخصونه بالعبادة. وفي معني قوله : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)[٤] نذهب إلى أنه تعريض