اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 294
واعلم أن جميع
ذلك هو مقتضى الظاهر ، ثم قد يخرج المسند إليه ، لا على مقتضى الظاهر ، فيوضع اسم
الإشارة موضع الضمير ، وذلك إذا كملت العناية بتمييزه ، إما لأنه اختص بحكم بديع
عجيب الشأن ، كقوله [١] :
كم عاقل عاقل
أعيت مذاهبه ...
وجاهل جاهل
تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك
الأوهام حائرة ...
وصيّر العالم
النّحرير زنديقا
وإما لأنه قصد
التهكم بالسامع والسخرية منه ، كما إذا كان فاقد البصر ، أو لم يكن ، ثم مشار إليه
أصلا ، أو النداء على كمال بلادته بأنه لا يميز بين المحسوس بالبصر وغيره ، أو على
كمال فطانته ، وبعد غور إدراكه بأن غير المحسوس بالبصر عنده كالمحسوس عند غيره ،
أو قصد ادعاء أنه ظهر ظهور المحسوس بالبصر كقوله [٢] :
تعاللت كي
أشجى ، وما بك علة ...
تريدين قتلي
، قد ظفرت بذلك
وما شاكل ذلك ،
ويوضع المضمر موضع المظهر ، كقولهم ابتداء من غير جري ، ذكر لفظا أو قرينة حال :
رب رجلا ، ونعم رجلا زيد ، وبئس رجلا عمرو ، مكان رب رجل ، ونعم الرجل ، وبئس
الرجل ، على قول من لا يرى الأصل : زيد نعم رجلا ، وعمرو بئس رجلا ، وقولهم : هو
زيد عالم ، وهي هند مليحة ، مكان الشأن : زيد عالم ، والقصة هند مليحة ، ليتمكن في
ذهن السامع ما يعقبه ، وذلك أن السامع متى لم يفهم
[١]البيتان من
البسيط وهما لأحمد بن يحيى المعروف بابن الراوندى المتوفى سنة ٢٥٠ ه الإيضاح (١ /
١٥٥) معاهد التنصيص (١ / ١٤٧) ، شرح عقود الجمان (١ / ١٠٤).
والبيتان ذكرهما الطيبى في التبيان ثم
قال بعدهما : أذهب الله عمى قلبه فهلا قال :
كم من أديب فهم قلبه ...
مستكمل العقل مقلّ عديم
ومن جهول مكثر ماله ...
ذلك تقدير العزيز العليم
البيتان (١ / ١٥٨) بتحقيقى.
[٢]البيت من الطويل
: وهو لابن الدمينة ، شعره (ص ١٦) الإيضاح (١ / ١٥٥) نهاية الإيجاز ص ١١٠ معاهد
التنصيص (١ / ١٥٩).
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 294