اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 259
صدقك إنكارا ، خ خ وإني لصادق ، لمن يبالغ في إنكار صدقك ، خ خ وو الله إني
لصادق على هذا ، وإن شئت فتأمل كلام رب العزة علت كلمته : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ
فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ
قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ
إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ
لَمُرْسَلُونَ)[١].
حيث قال أولا :
(إِنَّا إِلَيْكُمْ
مُرْسَلُونَ). وقال ثانيا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ
لَمُرْسَلُونَ.)كيف يقرر ما ألقى إليك ، ويسمى هذا النوع من الخبر :
إنكاريا.
وإخراج الكلام
في هذه الأحوال على الوجوه المذكورة يسمى إخراج مقتضى الظاهر ، وأنه في علم البيان
يسمى بالتصريح ، كما ستقف عليه.
والذي أريناك ،
إذا أعملت فيه البصيرة ، استوثقت من جواب أبي العباس للكندي حين سأله قائلا : إني
أجد في كلام العرب حشوا ، يقولون : خ خ عبد الله قائم ، ثم يقولون : خ خ إن عبد
الله قائم ، ثم يقولون : خ خ إن عبد الله لقائم ، والمعنى واحد ، قال : بل المعاني
مختلفة وذلك أن قولهم [٢] : خ خ عبد الله قائم ، إخبار عن قيامه ، وقولهم : خ خ
إن عبد الله قائم ، جواب عن سؤال سائل ، وقولهم : خ خ إن عبد الله لقائم ، جواب عن
إنكار منكر قيامه.
هذا ثم إنك ترى
المفلقين [٣] السحرة في هذا الفن ينفثون الكلام لا على مقتضى الظاهر
كثيرا ، وذلك إذا أحلوا المحيط بفائدة الجملة الخبرية ، وبلازم فائدتها علما محل
الخالي الذهن عن ذلك لاعتبارات خطابية ، مرجعها تجهيله بوجوه مختلفة ، وإن شئت
فعليك بكلام رب العزة : (وَلَقَدْ عَلِمُوا
لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ
[٢] في النسخ كلها [وذلك
إن قال : بل المعانى مختلفة فقولهم].
[٣] المفلقين : يقال
: أفلق فلان اليوم وهو يفلق ، إذا جاء بعجب. وشاعر مفلق : مجيد ، يجىء بالعجائب في
شعره. وأفلق في الأمر إذا كان حاذقا به. اللسان مادة (فلق).
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 259