اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 256
وأما الاعتبار
الراجع إلى المسند من حيث هو مسند أيضا ، فككونه : متروكا أو غير متروك ، وكونه
مفردا أو جملة ، وفي إفراده من كونه : فعلا أو اسما ، منكرا أو معرفا ، مقيدا [كل][١] من ذلك بنوع قيد أو غير مقيد ، وفي كونه جملة من كونها
: اسمية ، أو فعلية ، أو شرطية ، أو ظرفية ، وكونه : مقدما أو مؤخرا. هذا إذا كانت
الجملة الخبرية مفردة.
أما إذا انتظمت
مع أخرى ، فيقع إذ ذاك اعتبارات سوى ما ذكر فن رابع ، ولا يتضح الكلام في جميع ذلك
اتضاحه إلا بالتعرض لمقتضى الحال ، فبالحري أن لا نتخذه ظهريّا. فنقول ، والله
الموفق للصواب.
لكل مقام مقال :
لا يخفى عليك
أن مقامات الكلام متفاوتة ، فمقام التشكر يباين مقام الشكاية ، ومقام التهنئة
يباين مقام التعزية ، ومقام المدح يباين مقام الذم ، ومقام الترغيب يباين مقام
الترهيب ، ومقام الجد في جميع ذلك يباين مقام الهزل ، وكذا مقام الكلام ابتداء
يغاير مقام الكلام ، بناء على الاستخبار أو الإنكار ، ومقام البناء على السؤال
يغاير مقام البناء على الإنكار ؛ جميع ذلك معلوم لكل لبيب ، وكذا مقام الكلام مع
الذكي يغاير مقام الكلام مع الغبي ، ولكل من ذلك مقتضى غير مقتضى الآخر.
ثم إذا شرعت في
الكلام ، فلكل كلمة مع صاحبتها مقام ، ولكل حد ينتهي إليه الكلام مقام ، وارتفاع
شأن الكلام في باب الحسن والقبول وانحطاطه في ذلك بحسب مصادفة الكلام لما يليق به
، وهو الذي نسميه مقتضى الحال ، فإن كان مقتضى الحال إطلاق الحكم ، فحسن الكلام
تجريده عن مؤكدات الحكم ، وإن كان مقتضى الحال بخلاف ذلك ، فحسن الكلام تحلّيه
بشيء من ذلك بحسب المقتضى ضعفا وقوة.
وإن كان مقتضى
الحال طيّ ذكر المسند إليه ، فحسن الكلام تركه ، وإن كان المقتضى إثباته على وجه
من الوجوه المذكورة ، فحسن الكلام وروده على الاعتبار